أقول : الهدف من إثبات شمول القاعدة للأحكام العدمية هو إثبات الضمان ، وعلى ذلك لو كان المورد داخلاً تحت قاعدة الاتلاف أو اليد ، فلا ثمرة في البحث ، كما إذا فتح قفس طائر فطار ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلاً فهربت دابّته ، أو حبس حرّاً ففوّت عليه منافعه ، إذ يكفي في القول بالضمان صدق الاتلاف فيها من دون حاجة إلى القاعدة.
وهذا بخلاف ما إذا امتنع الزوج عن بذل النفقة لزوجته ، فعدم جواز طلاقها ، ولو للحاكم ، ضرر عليها.
هذا ولا يخفى عدم تماميّة ما أفاده الشيخ الأعظم (قدسسره) في الشقّ الأوّل لأنّه لا يخلو أن يكون المراد من الأحكام العدميّة ، هي الأحكام العدميّة المجعولة من جانب الشارع فلا فرق بين الوجودي والعدمي بعد كونهما من متعلّقات الجعل ، فكما أنّ الاشتغال حكم مجعول فكذلك الحكم بالبراءة وعدم الضمان ، مجعول أيضاً ، فهو تارة يحكم بالاشتغال وأُخرى بالبراءة. فالحكم المجعول في مورد الحابس ، إمّا الاشتغال أو البراءة ، والثاني ضرري دون الأوّل. ولك أن تقول : إنّ الأحكام العدميّة ترجع إلى الوجوديّة وهو حكم الشارع بالبراءة أو عدم الوجوب ، والحرمة.
أو يكون المراد منها سكوت الشارع وعدم حكمه بشيء ، ولكنّه غير متصوّر في حق الشارع الخاتم ، لتواتر الأخبار على أنّ ما تحتاج إليه الأُمّة إلى يوم القيامة قد جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. (١) وعلى هذا فما جاء به النبي هو إمّا الاشتغال أو البراءة.
والحاصل أنّه لا يخلو موضوع من الموضوعات إلّا وله حكم شرعي مجعول. ففي مورد تفويت منافع الحر ، الحكم الشرعي ـ سواء كان هو ضمانها أو البراءة من غرامتها ـ أمر مجعول ، وليس حكمه بالبراءة اخباراً عن عدم حكمه بالضمان ، بل عبارة عن انشاء البراءة ، كما أنّ حكمه بعدم الوجوب أو الحرمة يرجع غالباً إلى
__________________
(١) الكافي : ٢ / ٧٤ ، الباب ...