الشرعيّة القانونية.
وأمّا الحرج الوارد على الإنسان لأجل عدم الانتفاع بما لم يشرع له ، فليس مرتفعاً. فلو صار الإنسان في حرج من جهة المنع عمّا لا يسوغه العرف العام ويستنكره فليس له استساغته لأجل الحرج. والحاصل : أنّ المنع عن الانتفاع عن الملك بما هو خارج عن حدود السلطنة على المال في نظر العقلاء ، لا يعد ضرراً ولا حرجاً.
٢ ـ إنّ تضرّر الجار في المقام معارض بما دلّ على عدم وجوب تحمّل الضرر عن الغير ، كما يدلّ عليه تجويز الإضرار مع الإكراه. (١)
يلاحظ عليه :
أنّ منعه عن التصرّف ليس بمعنى تحمّله الضرر عن الغير ، بل غايته أنّه يمنع عن الإضرار بالغير ، ويمنع عن الانتفاع بماله على وجه يكون نفعه أكثر. وإنّما يصدق تحمّل الضرر إذا كان الضرر موجوداً دائراً بين الشخصين ، كالسيل المتهجم ، فيفتح بابه ليصون به دار جاره. وأين هو من المنع عن الانتفاع غير الرائج لئلّا يتضرّر الجار بعمله.
إذا عرفت حكم القسمين الأخيرين فلنرجع إلى بيان أحكام الصور الباقية ونكتفي ببيان حكم الأُولى ، ومنها يظهر حكم البقية.
الصورة الأُولى عبارة عمّا إذا دار الأمر بين الضررين ، فلو تصرّف في ملكه يتضرّر الجار ، ولو ترك يتضرّر هو نفسه.
أقول : لهذه الصورة حالتان :
١ ـ أن يعد تصرّفه في ملكه تصرّفاً في ملك الغير ، كما إذا كان حفر الأرض سبباً لحدوث صدع في حيطان الدار ، فلا شك أنّه عمل محرّم موجب للضرر لأنّ
__________________
(١) نفس المصدر.