قاعدتي السلطنة واللاضرر بالنسبة إلى الشخصين على السواء ، فلو جاز للمالك أن يتصرّف في ملكه بالحفر ، لجاز للجار منع الغير عن التصرّف في ملكه. ولو كان منع المالك عن التصرّف ضررياً لكان التصرّف في ملك الجار ولو بالتسبيب ضررياً أيضاً. فالظاهر إلحاقه بما إذا دار الأمر بين أحد الضررين على أحد الشخصين ، كما إذا دخل رأس الدابة في القدر ، فيجوز له الحفر مع ضمان ما يطرأ على دار الجار ، جمعاً بين الحقين.
٢ ـ إنّما الكلام إذا لم يكن كذلك بل تمحض العمل في دفع الضرر عن نفسه ، كما إذا كان ترك حفر البئر مستلزماً للضرر فهل يجوز أو لا؟
ذهب الشيخ الأعظم إلى الجواز وعلّله بوجهين :
١ ـ إنّ إلزامه بتحمّل الضرر وحبسه عن ملكه لئلّا يتضرّر الغير ، حكم ضرريّ منفي.
٢ ـ عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» يشمل ذلك ، والظاهر عدم الضمان عندهم أيضاً.
فإن قلت : إنّه من باب دفع الضرر عن النفس بإدخال الضّرر على الغير ، وقد مرّ عدم جوازه. وبعبارة أُخرى :
«إذا فرض انّه يتضرّر بالترك فالضرر ابتداءً يتوجّه إليه ، ويريد دفعه بالتصرّف ، وحيث فرض أنّه إضرار بالغير ، رجع إلى دفع الضرر الموجّه على الشخص عن نفسه بإضرار الغير ، وقد تقدّم عدم جوازه. ولذا لو فرضنا كون التصرّف المذكور لغواً كان محرّماً لأجل الإضرار بالغير».
قلت : فرق هناك بين المقامين فإنّ ما تقدّم عدم جوازه ، هو فيما إذا كان سبب التضرّر أمراً خارجاً عن حيطة الشخصين كالسيل المتهجّم ، لاما إذا كان عامله تصرّف أحدهما في ملكه ، كما في المقام. وبعبارة أُخرى :