لكان الحكم المذكور مرفوعاً بقاعدة لا ضرر وكذا النّقل لم يدلّ على حرمة الاضرار بالنفس فانّ أقصى ما يمكن أن يستدلّ به لحرمة الاضرار بالنفس روايات نتكلّم عنها ...». (١)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ الكلام الذي نقله عن الشيخ الأنصاري ليس مختصّاً به وإنّما هو نظر المشهور بل قد ادّعى عليه الإجماع كما مرّ.
وثانياً : أنّ الأمثلة التي ذكرها بأنّ العقل لا يرى محذوراً في اضرار الإنسان بماله أو نفسه خارجة عن محلّ النزاع وذلك لأنّ الاضرار التي يتحمّلها الإنسان بداع عقلائي منجبرة بالمصالح التي يحصل عليها وهي لا تعدّ اضراراً عرفاً ، فأدلّة حرمة الاضرار بالنفس منصرفة عنها ، وإنّما النزاع في الاضرار غير المنجبرة بالدّواعي والمصالح العقلائيّة ، وبناءً على هذا يصبح نزاعه مع نظر الشيخ الذي هو نظر المشهور نزاعاً لفظيّاً ، فانّه وإن ناقش بعض أدلّة القول المشهور في بحثه الأُصولي إلّا أنّه مشى على منوالهم في فتواه الفقهيّة كما مرّ آنفاً ، فإن لم نقل بأنّ ذلك نزاع لفظي فلا بدّ وأن يقال إنّه عدل عما في بحثه الأُصولي.
وثالثاً : أنّ قوله : «أقصى ما يمكن أن يستدلّ به ...» غريب جدّاً منه فإنّ الأدلّة الأربعة تدلّ على المسألة كما سيأتي أو تؤيّدها على الأقلّ.
* * *
__________________
(١) مصباح الأُصول : لمؤلفه السيد محمّد سرور الواعظ الحسيني البهسودي : ٢ / ٥٤٨ و ٥٤٩ وليراجع دراسات الأُستاذ المحقّق الخوئي في الأُصول العمليّة ، تأليف السيد علي الحسيني الشاهرودي : ٣ / ٣٣٩.