(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (البقرة / ١٧٣). (١)
تدلّ على الميتة ولحم الخنزير وغير المذكّى وما يشبه ذلك محرّمة تشريعاً إلّا في حالة الاضطرار فالمضطرّ يباح له ذلك.
والمضطرّ في اللغة : هو المحتاج إلى الشيء من الاضطرار والاسم الضرّة والضرورة وبناؤه من باب الافتعال وأصله الضّرر أي الضيق فجعلت التّاء طاءً لأنّ التّاء لم يحسن لفظه مع الضّاد ، فأصل المضطرّ «مضترر». (٢)
ودلالة الآيات على المقصود «حرمة الاضرار بالنّفس» تتوقف على ثبوت أمرين :
أحدهما : انّ المضطرّ يجب عليه استعمال المحرّم الذي اضطرّ إليه.
وثانيهما : انّ المضطرّ لا ينحصر بمن يخاف الموت وتلف نفسه.
أمّا الأوّل ، فليس بثابت إذ ليست الآية بصدد بيانه بل هي بصدد بيان حليّة هذه المحرّمات للمضطرّ لا أكثر ، إلّا أنّ الفقهاء نظراً إلى الأدلّة العقلية والنقليّة على وجوب دفع الضرر عن النفس افتوا بوجوب استعمال المضطرّ ما اضطر إليه من تلك المحرّمات بمقدار ما تندفع الضرورة كما أشرنا إلى كلماتهم آنفاً.
وأمّا الثاني فالظاهر أنّ الآية مطلقة من هذه النّاحية فتشمل كلّ نوع من أنواع الاضطرار سواء كان يخاف منه تلف النفس أو دون ذلك كما أفتى به الفقهاء على ما مرّ عليك.
قوله سبحانه : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً). (النساء / ١١٠)
__________________
(١) لاحظ المائدة / ٣ ، الأنعام / ١١٩ ، ١٤٥ والنحل / ١١٥.
(٢) راجع لسان العرب وتاج العروس ومجمع البحرين وأقرب الموارد.