وأمّا إذا قلنا بأنّ الاباحة ليس حكماً ضرريّاً فلا يتم المقصود ، كما قال بذلك الشيخ الأعظم حيث قال : «فإنّ اباحته (أي الاضرار بالنفس) بل طلبه على وجه الاستحباب ليس حكماً ضرريّاً ولا يلزم من جعله ضرر على المكلّفين». (١)
يلاحظ عليه : بأنّ الضرر على هذا وصف للحكم ، فإذا كانت الاباحة حكماً شرعيّاً ـ حسب الفرض ـ تكون صفحة التشريع مشتملة على الحكم الضرريّ ، وهو ينافي نفيه عنها.
هذا وقد أنكر المحقّق الخوئي استفادة المقصود من حديث لا ضرر بقوله : «لا يستفاد من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر» حرمة الاضرار بالغير ولا حرمة الاضرار بالنفس ، وإن كان الأوّل ثابتاً بالأدلّة الخاصّة ، بل يمكن استفادته من الفقرة الثانية في نفس هذا الحديث ....
ـ إلى أن قال : ـ وأمّا الثاني وهو الاضرار بالنفس فلا يستفاد حرمته من الفقرة الثانية أيضاً ، لأنّ الضّرار وغيره ممّا هو من هذا الباب كالقتال والجدال لا يصدق إلّا مع الغير لا مع النفس». (٢)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ الفقرة الأُولى «لا ضرر» كافية في اثبات المطلوب فهي تدلّ على حرمة الاضرار بالغير كما تدلّ على حرمة الاضرار بالنّفس وذلك لأنّ مبنى الاستدلال هو أنّ المنفي هو الحكم الضرري فإذا لم يكن الاضرار بالغير أو بالنفس حراماً لكان مباحاً. ولكنّ إباحة الاضرار يكون حكماً ضرريّاً حينئذ ، وقاعدة لا ضرر ناظرة إلى نفي الأحكام الضررية في عالم التشريع ـ على الفرض ـ إذن فالاضرار بالغير أو بالنفس محرّم بناءً على القاعدة.
نعم لو قلنا بعدم كون الإباحة حكماً ضرريّاً لكان كلامه صحيحاً.
__________________
(١) المكاسب : ٣٧٣ رسالة قاعدة نفي الضرر.
(٢) مصباح الأُصول : ٢ / ٥٣٣ و ٥٣٤.