الرابع : ما ورد في الرّوايات من ترتّب الضّرر على أكل جملة من الأشياء ، كتناول الجبن في النّهار وادمان أكل السمك وأكل التفّاح الحامض إلى غير ذلك ممّا ورد في الأطعمة والأشربة ، ... مع أنّه لا خلاف ولا إشكال في جواز أكلها». (١)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ الحديث في بعض النسخ وفي الاختصاص ورد كالتالي :
«... لا يدنو منها أحد ولا يأكل إلّا ضعف بدنه ...» (٢) فيعم المدمن وغيره.
ثانياً : افترضنا أنّ اضرار الميتة مختصّ بصورة الادمان وعليه فتكون الحرمة الناشئة من الضّرر مختصّة بهذه الصورة ، ولكنّه لا يأبى أن يكون مطلق أكل الميتة حراماً لملاك آخر وإن لم نقف عليه. وبعبارة أُخرى : انّ غاية ما تدلّ عليه الرواية هو جواز أكل الميتة بصورة غير الادمان وهذا ليس بأزيد من دلالة مفهومية يجوز رفع اليد عنها بما دلّ على حرمة أكل مطلق الميتة.
ثالثاً : الظاهر أنّ الميتة الواردة في الرواية هي الميتة العرفيّة أي ما مات حتف أنفه ، فهذا هو محور البحث ، وأمّا مطلق غير المذكّى فليس ميتة لغة وعرفاً ، وإن كان محكوماً بحكم الميتة أي الحرمة. ولأجل ذلك ذهب هو (قدسسره) إلى عدم نجاسة ما لم يذبح بغير التسمية والاستقبال وإن كان حراماً.
رابعاً : من أين يحصل العلم بعدم الضرر في أكل لحم الحيوان غير المذبوح على جهة القبلة؟ وخاصة أنّ الضرر لا ينحصر بالضرر الجسمي بل يشمل المعنوي ومن المحتمل انّ في ترك استقبال القبلة عند الذبح اضراراً معنويّة ، ولا يبعد حرمة ذلك اللحم لهذا الضّرر المعنوي.
خامساً : لما ذا لا يستكشف من عدم حرمة تناول الجبن في النّهار وادمان أكل السمك وأكل التّفاح الحامض ، أنّ الضرر المترتب عليها ليس كثيراً بحيث يوجب
__________________
(١) مصباح الأُصول : ٢ / ٥٤٩ و ٥٥٠.
(٢) الاختصاص للشيخ المفيد : ١٠٣.