حرمتها ، لأنّ أدلّة حرمة استعمال المضرّات منصرفة عن الاضرار اليسيرة كما قلنا ، وغاية ما يمكن أن يحكم عليها بالكراهة كما لا يبعد القول بحمل النهي الوارد عن مثل تناول الجبن على ذلك.
وعلى أيّ حال أنّ دلالة الحديث على المقصود قويّة ويمكن دفع الايرادات الواردة عليها ، ولكن هناك مناقشة أُخرى حول الحديث من حيث سنده فقد يقال : إنّ الراوي عن المعصوم (عليهالسلام) في اسناد الصدوق في كتبه الثلاثة هو عذافر أبو محمّد بن عذافر وهو عذافر بن عيسى أو ابن عيثم الخزاعي الصيرفي الكوفي عدّ من أصحاب أبي عبد الله الصادق (عليهالسلام) إلّا أنّه لم يذكر بمدح ولا ذمّ ، وفي بعض اسناد علل الشرائع رواه عذافر عن بعض رجاله فيشتمل على ارسال مثل المروي عن تفسير العياشي. كما أنّ في سند الكافي مجاهيل أو ضعف أو ارسال ونحوه سند المحاسن والتهذيب.
وبالجملة ، فالحديث وإن ورد في كتب متعدّدة إلّا أنّ سنده إمّا يرجع إلى ابن عذافر عن أبيه أو بعض رجاله وإمّا إلى مفضّل بن عمر وكلا السندين ولا سيّما الثاني منهما مخدوش.
ولكن يمكن دفع هذا الاشكال بهذا البيان :
انّ التحقيق في ملاك حجيّة خبر الواحد هو كون الخبر موثوق الصدور ، لا كون الراوي ثقة ، ولو قيل بحجية رواية الثقة ، فلأجل أنّ وثاقته موجبة للوثوق بالصدور ، وعلى ضوء ذلك فلو كانت هناك قرائن مورثة للوثوق بالصدور يكفي ذلك في جواز العمل ، وذلك لأنّ الرواية المذكورة وردت في الكتب المعتبرة بعدّة طرق بعضها مرسلة وبعضها مسندة. أمّا المرسلة فقد وردت بسبع طرق ، أحدها ينتهي إلى محمّد بن عذافر عن بعض رجاله عن أبي جعفر (عليهالسلام) (١) وستّة منها
__________________
(١) الوسائل : ١٦ / ٣٧٧ ، العلل : ٤٨٤.