وقوله تعالى :
(فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً). (١)
قال الطبرسي : المساس على وزن «فعال» من المماسة. ومعنى لا مساس ، لا يمس بعضنا بعضاً. فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش والسباع لا يمسّ أحداً ولا يمسّه أحد. عاقبه الله تعالى بذلك وكان إذا لقي أحداً يقول : لا مساس. أي لا تقربني ولا تمسّني. (٢)
وأمّا السنّة فقد ذكر نماذج ممّا استعمل فيها النفي بمعنى النهي. مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا إخصاء في الإسلام ولا بنيان كنيسة» و «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق». و «لا غش بين المسلمين».
وبذلك أبطل قول صاحب الكفاية ، حيث قال ردّاً على هذا القول : «انّ النفي بمعنى النهي وإن كان ليس بعزيز إلّا أنّه لم يعهد في مثل هذا التركيب» ، وقال : إنّ الأذهان الفارغة لا تسبق إلّا إلى هذا الوجه. ثمّ أيّد (رحمهالله) مقاله بما ورد في رواية عبد الله بن مسكان عن زرارة : «... فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن» ، فانّ هذا الكلام بمنزلة صغرى وكبرى هما : إنّك رجل مضار ، والمضارة حرام. والكبرى ، كما ترى مناسبة للصغرى بخلاف ما لو أُريد غيره من المعاني الأُخرى فانّ المعنى يصير : إنّك رجل مضار ، والحكم الموجب للضرر منفي ، أو الحكم المجعول منفي في صورة الضرر. وهذا ممّا لا تستسقيه الأذهان المستقيمة.
وبعد أن استشهد (رحمهالله) بكلمات أئمّة اللغة ، ومهرة الحديث ، حيث فسّروا الحديث بالنهي ، قال : إنّ المدعى هو أنّ حديث الضرر يراد منه إفادة النهي عنه
__________________
(١) طه / ٩٧.
(٢) مجمع البيان ج ٧ / ٢٨.