بمعروف ، ولذلك فقد عدّه سبحانه من الإمساك ضراراً ، فالواجب على الزوج ـ كما في هذه الكريمة ـ أحد أمرين :
الإمساك بالمعروف بالقيام بوظائف الزوجيّة ، أو التسريح والتّخلّي عنها حتّى تنقضي عدّتها وتبين من غير ضرار.
وروي عن عائشة أنّها قالت : كان الناس والرجل يطلّق امرأته ما شاء أن يطلّقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدّة ، وإن طلّقها مائة مرّة أو أكثر ، حتّى قال رجل لامرأته :
والله لا أُطلّقك فتبيني ولا آويكِ أبداً. قالت : وكيف ذلك؟ قال : أُطلّقك ، فكلّما شاهدت عدّتك أن تنقضي راجعتك. فذهبت المرأة حتّى دخلت على عائشة فأخبرتها. فسكتت حتّى جاء النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبرته. فسكت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى نزل القرآن (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ).
قالت عائشة : فاستأنف الناس الطلاق مستقبلاً من كان طلق ومن لم يكن طلّق. (١)
و «الضرار» في الآية من مقولة فعل الواحد لا الاثنين ولا المجازاة. والمراد منه في المقام هو إيجاد الضيق والمشقّة وإدخال المكروه.
فاحتفظ بهذه النكتة مع ما سنذكره في الآيات الأُخر ، لأنّها كقرائن منفصلة تثبت ما هو المقصود من الحديث.
* * *
٣ ـ قوله سبحانه : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ
__________________
(١) الترمذي ، الصحيح ، ج ١ ص ٢٢٤ ، الحاكم النيسابوري ، المستدرك ٢ / ٢٧٩.