وأمّا المتعارضان فليس في أحدهما دلالة لفظية على حال الآخر من حيث العموم والخصوص وإنّما يفيد حكماً منافياً للآخر». (١)
يلاحظ عليه :
أنّ تفسير الحكومة بالمعنى الذي ذكره لا ينطبق على المورد. فانّ مرجعه إلى كون أحد الدليلين متعرّضاً لحال الدليل الآخر تعرضاً بالدلالة المطابقية. والحال أنّ الأدلّة الحاكمة التي اعترف الشيخ بحكومتها ، ليست على هذا النمط ، حتى القاعدة مثلاً إذ ليست متعرّضة بالدلالة المطابقية لحال أدلّة وجوب الوفاء بالعقود ، وسلطنة الناس على أموالهم ، أو وجوب الوضوء على واجد الماء ولو بالاشتراء بثمن كثير ، وغير ذلك. اللهمّ إلّا أن يريد الأعم من الدلالة المطابقية أو الالتزامية.
نعم ، ينطبق ما ذكره على قليل من الروايات ، مثل ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثاً. قال : يعيد. قلت : أليس يقال : لا يعيد الصلاة فقيه. فقال إنّما ذلك في الثلاث والأربع. (٢)
والأولى أن يقال : إنّ الحكومة عبارة عن كون أحد الدليلين في نظر العرف شارحاً ومفسّراً ومبيّناً لمقدار المراد من الدليل المحكوم بحيث لو لا الدليل المحكوم لصار التشريع الوارد في الحاكم لغواً. وهذا ينطبق على الموارد التي اشتهرت فيها حاكمية الدليل على الأحكام الموضوعة على العناوين الأوّلية مثل قوله : «لا ضرر» على القول بأنّ مفاده : «لا حكم ضرري» ، وقوله : «ما جعل عليكم في الدين من حرج» ، وقوله : «لا شك لكثير الشك» ، أو «لا شكّ للإمام مع حفظ المأموم». فلو لم يرد من الشارع حكم من الأحكام ، لما صحّ أن يرد قوله : «لا حرج في الدين» ، أو
__________________
(١) الفرائد ، ص ٣١٥.
(٢) الوسائل ، ج ٥ ، ص ٣٢٠ ، الباب ٩ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ٣.