والوضعيّة فإن كان عليها دليل قاطع فلا خلاف في تخطئة المخالف فيها وإن لم يكن عليها دليل قاطع بل كانت المسألة اجتهادية فقد أطبق أصحابنا على عدم إصابة الكل فيها أيضا وخالف فيها جماعة من مخالفينا فقالوا بإصابة الجميع (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.
(قوله ولا يخفى انه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم المسألة إلّا إذا كان لها حكم واقعاً ... إلخ)
هذا شروع من المصنف في تمهيد مقدمة يبطل بها تصويب المخالفين القائلين بأن له تعالى أحكاماً بعدد آراء المجتهدين (وحاصل المقدمة) انه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم مسألة إلا إذا كان لها حكم واقعاً من قبل أن يجتهد فيه المجتهد ويتفحص عنه المتفحص وإلّا ففي أي شيء يجتهد وعما يتفحص وإلى أي شيء يؤدي ظنه ويستقر عليه رأيه (وعليه فإن كان مراد) المخالفين من تصويبهم هو ان الله سبحانه وتعالى قد أنشأ أحكاماً واقعية بعدد آراء المجتهدين من قبل اجتهادهم على طبق ما يؤدي إليه ظنهم ويستقر عليه رأيهم (فهذا وإن كان) أمراً معقولا ثبوتاً لا استحالة فيه أصلا (ولكنه باطل قطعاً) لتواتر الاخبار وإجماع الأصحاب على ان لله تعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه الكل يصيبه قوم ويخطئه آخرون لا ان له تعالى في كل واقعة أحكاماً عديدة بعدد آراء المجتهدين لكل واحد منهم حكم يختص به (وإن كان مرادهم) ان الله تبارك وتعالى ينشأ أحكاماً واقعية بعدد آراء المجتهدين من بعد اجتهادهم على طبق ما أدى إليه ظنهم واستقر عليه رأيهم (فان كان ذلك) من دون أن يكون هناك حكم قبل الاجتهاد واقعاً (فهذا مضافاً) إلى بطلانه لما تقدم من تواتر الأخبار وإجماع الأصحاب (هو أمر غير معقول) كما أشير آنفاً إذ لو لم يكن قبل اجتهاد المجتهد حكم واقعي ففيم يجتهد المجتهد وعما يتفحص المتفحص وعلام يستقر رأيه ويؤدي إليه ظنه وهذا واضح ظاهر.
(ثم إن مرجع) هذا النحو من التصويب هو إلى النحو الأول من السببية