إلى العسر والحرج المنفيين عن الشريعة السمحة لعدم وقوف المجتهد غالباً على رأي واحد فيؤدي إلى الاختلال فيما يبني فيه عليها من الأعمال (ولئلا يرتفع) الوثوق في العمل من حيث ان الرجوع في حقه محتمل وهو مناف للحكمة الداعية إلى تشريع حكم الاجتهاد ولا يعارض ذلك بصورة القطع لندرته وشذوذه (ولأصالة بقاء) آثار الواقعة إذ لا ريب في ثبوتها قبل الرجوع بالاجتهاد ولا قطع بارتفاعها بعده إذ لا دليل على تأثير الاجتهاد المتأخر فيها (إلى ان قال) وعلى ما قررنا فلو بنى على عدم جزئية شيء للعبادة أو عدم شرطيته فأتى بها على الوجه الّذي بنى عليه ثم رجع بنى على صحة ما أتى به حتى انها لو كانت صلاة وبنى فيها على عدم وجوب السورة ثم رجع بعد تجاوز المحل بنى على صحتها من جهة ذلك أو بنى على صحتها في شعر الأرانب والثعالب ثم رجع ولو في الأثناء إذا نزعها قبل الرجوع وكذا لو بنى على طهارة شيء ثم صلى في ملاقيه ورجع ولو في الأثناء وكذا لو تطهر بما يراه طاهراً أو طهوراً ثم رجع ولو في الأثناء فلا يلزمه الاستئناف (وكذلك القول) في بقية مباحث العبادات وساير مسائل العقود والإيقاعات (فلو عقد) أو أوقع بصيغة يرى صحتها ثم رجع بنى على صحتها واستصحب أحكامها من بقاء الملكية والزوجية والبينونة والحرية وغير ذلك (إلى ان قال) ولو كانت الواقعة مما لا تتعين أخذها بمقتضى الفتوى فالظاهر تغير الحكم بتغير الاجتهاد كما لو بنى على حلية حيوان فذكته ثم رجع بنى على تحريم المذكى منه وغيره أو على طهارة شيء كعرق الجنب من الحرام فلاقاه ثم رجع بنى على نجاسته ونجاسة ملاقيه قبل الرجوع وبعده أو على عدم تحريم الرضعات العشر فتزوج من أرضعته ذلك ثم رجع بنى على تحريمها لأن ذلك كله رجوع عن حكم الموضوع وهو لا يثبت بالاجتهاد على الإطلاق بل ما دام باقياً على اجتهاده فإذا رجع ارتفع (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.
(ومحصل هذا الكلام بطوله) انه إذا لم يقطع ببطلان ما اجتهده أولا ولا