(الثاني) في المجتهد القادر على الاستنباط في مسألة تقليد الأعلم وغيرها وانه إذا نظر في الأدلة الشرعية فهل مقتضيها وجوب تقليد الأعلم على العامي وتعينه عليه أو جواز الرجوع للعامي إلى غير الأعلم أيضاً.
(وقد أشار المصنف) إلى كلا المقامين جميعاً بقوله الآتي هذا حال العاجز عن الاجتهاد في تعيين ما هو قضية الأدلة في هذه المسألة واما غيره فقد اختلفوا في جواز تقديم المفضول وعدم جوازه ... إلخ.
(وقد أخذ هذا المعنى) من تقريرات الشيخ أعلى الله مقامه حيث أشار إلى ذلك بقوله وقبل الخوض ينبغي رسم أمرين أحدهما انه لا يعقل الخلاف في وجوب رجوع العامي الغير البالغ رتبة الاجتهاد في هذه الواقعة إلى الأعلم والأفضل بل لا بد أن يكون الخلاف في مقتضي الأدلة الشرعية (انتهى).
(وكيف كان حاصل) كلام المصنف في المقام الأول ان المقلد إذا احتمل تعين الرجوع إلى الأعلم فبمجرد أن احتمل ذلك وجب عليه الرجوع إلى الأعلم وذلك لقطعه بحجيته وشكه في حجية غيره فالمقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير وقد تقدم منا شرح أقسام الدوران في آخر البراءة وانه في الكل يجب الاحتياط والاقتصار على المتيقن وإجراء الأصل عن المشكوك.
(أقول)
هذا مضافاً إلى استقلال عقل المقلد بوجوب الأخذ بقول الأعلم وذلك لكونه من أقوى الدليلين وقد عرفت منا في التعادل والتراجيح غير مرة استقلال العقل بذلك بل ادعى انها قاعدة مجمعة عليها فتذكر.
(قوله ولا وجه لرجوعه إلى الغير في تقليده إلا على نحو دائر ... إلخ)
فإن المقلد إذا رجع إلى غير الأعلم في جواز تقليد غير الأعلم فهو مستلزم للدور فان الرجوع إليه متوقف على جواز تقليد غير الأعلم فلو كان جواز تقليد غير الأعلم مستنداً إلى الرجوع إليه لزم الدور.