وأما ما أفاده (١) : من أن الإنشاء ليس عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ ، وان ما اشتهر من أن الإنشاء ، هو قصد تحقق المعنى باللفظ مجرد لقلقة اللسان ، فهو على فرض الأخذ بما هو ظاهر هذا الكلام في بادئ النظر ، حق ومتين.
ولكن يمكن أن يقال : إن مراد المشهور ، كون الإنشاء موجبا لوجود المعنى في عالم الاعتبار ، أي اعتبار العقلاء.
وعليه فهو حق لا سترة عليه ، إذ لا ريب في انه إذا اعتبر المتبايعان مثلا : ملكية شيء للمشترى بإزاء ملكية الثمن ، تتحقق الملكية في اعتبارهما ، وتتحقق في اعتبار العقلاء. وإذا ابرز هذا الاعتبار النفساني باللفظ ، أو الفعل فبمقتضى البناء الارتكازي العقلائي الكلي تتحقق الملكيَّة في عالم الاعتبار العقلائي. وليس المراد من إيجادية الإنشاء ، سوى ذلك.
ولذا يقول المحقق الخراساني في فوائده (٢) : انه بالإنشاء يوجد الملكية في الوعاء المناسب لها ، بالنحو الذي توجد بالحيازة ، والسبب الاضطراري ، كموت المورث.
وهذا أمر متين لا سترة عليه.
وأما ما أفاده : من أن الإنشاء إبراز أمر نفساني باللفظ ، غير قصد الحكاية ، فلا يتم.
__________________
(١) السيد الخوئي (قدِّس سره) في دراسات في علم الأصول ج ١ ص ٥٣.
(٢) فوائد الأصول ص ١٧ فائدة في صيغة الأمر والنهي وغيرهما.