إذ البرهان الذي ذكره لعدم كون الجملة الخبرية مبرزة للنسبة الخارجية ، من انه لا كاشفية لها من حيث هي ، عنها ، وإنها وضعت لإبراز قصد الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع ، بعينه يجري في الإنشاء ، ويقتضي عدم كون الإنشاء ، مبرزا للاعتبار النفساني ، وانه مبرز لقصد تفهيم ذلك الاعتبار.
نعم لو كانت دلالة الإنشاء على الاعتبار الخاص بالطبع ، كان ما ذكر تاما ، ولكن بما أنها أيضاً تكون بالوضع ، فيجرى في الإنشاء ما يجري في الإخبار ، من ، أن الواضع تعهد بأنه متى ما قصد تفهيم ثبوت ذلك الاعتبار النفساني ، يجعل مبرزه الجملة الإنشائية.
وعليه فالموضوع له والمستعمل فيه ، فيهما واحد ، وهو قصد تفهيم انتساب البيع إلى البائع مثلا ، والاختلاف بينهما إنما يكون من ناحية الدواعي بالنحو الذي ستعرفه.
والمنسوب إلى المحقق العراقي (ره) (١) القول : بان الإخبار والإنشاء يشتركان
__________________
(١) نهاية الأفكار ج ١ ص ٨٥ عند الحديث عن شرح معاني الهيئات قال : «فالتحقيق في الفرق والميز بينهما (أي الإخبار والإنشاء) هو أن يفرق بينهما من جهة المحكي من حيث كونه في الأخبار عبارة عن وقوع النسبة وثبوتها وفي الإنشاء إيقاعها الّذي هو خروجها من العدم إلى الوجود ، وذلك إنما هو من جهة ما هو قضية الارتكاز والوجدان من قولك بعتك إخبارا حيث كان المتبادر منه هو الحكاية عن نسبة ثابتة محفوظة قبال كونه إنشاء المتبادر منه الحكاية عن نسبة إيقاعية ، وحينئذٍ فإذا استعمل المستعمل الجملة في إيقاع نسبة كلامية حاكيا بها عن واقع ثابت تكون الجملة إخبارية وإذا استعملها فيها حاكيا