في المحكي عنه بالذات ، وهو نفس المفهوم الذي يتصوره النفس عند تصور الجملة الحاكية ، وإنما يفترقان في المحكي عنه بالعرض. فانه في الإخبار ، يكون المحكي عنه بالعرض ، هو الطبيعي المنطبق على أمر جزئي خارجي مفروغ الوجود ، موضوعا كان أو محمولا ، أو نسبة ، يريد المتكلم ـ بكلامه ـ الكشف عنها وإعلام السامع بها.
وفي الإنشاء ، الجملة بهيئتها ومادة المسند فيها ، تحكى عن طبيعي النسبة وطبيعي المسند ، الحاكيان عن إيقاع المادة ونسبتها غير المفروغ وقوعهما. بل يرى وجودهما ، معلولين لنفس هذا الإنشاء ، فوجود البيع الجزئي ، ونسبته الجزئية في الخارج ، يكون نتيجة الإنشاء ، بقول : بعت.
ويرد على ما ظاهره ما تقدم من أن القول بان حقيقة الإنشاء إيجاد معنى باللفظ ، صرف لقلقة اللسان وفي الإنشاء أيضاً ، لا يوجد المسند والنسبة باللفظ. وإنما هما يتحققان قبله بالاعتبار النفساني.
ولكنه يمكن توجيهه بما ذكرناه ، بان يكون مراده إيجاد المعنى في عالم الاعتبار
__________________
بها عن نسبة إيقاعية توقعها المستعمل في وعائها المناسب لها تكون جملة إنشائية فيكون كل من الإخبار والإنشاء حينئذ مشتركا في جهة الحكاية في نحو قوله بعت إخبارا أو إنشاء إلا أن الفرق بينهما كان من جهة المحكي فتأمّل. ثم أن ذلك كله بحسب مقام الثبوت. وأما بحسب مقام الإثبات فحيث أن طبع مثل هذه الجمل كان على الحكاية عن واقع ثابت فيحتاج في إحراز كونها إنشاء من قيام قرينة في البين توجب صرفها عن الإخبارية والحكاية عن الواقع الثابت وإلا فطبعها كان على الإخبار.