ففي الحقيقة يدّعى ، إن جواز هذا الاستعمال ، إنما يكون من شئون الوضع الأول بواسطة الطبع الذي يجول في ميدان المعاني ، ويلحق بعضها ببعض.
وعليه ، فيشهد له ـ مضافا إلى ما ذكره المحقق الخراساني ـ تقارب
المعاني المجازية في اللغات المتعددة. فان استعمال الأسد وما يرادفه من سائر اللغات في الرجل الشجاع يصح. فهل اتفق الواضعون على الترخيص فيه وفي غيره من المجازات الشائعة؟
وفي المقام أمران ، كل منهما يكفي في عدم الموضوع لهذا البحث.
أحدهما : ما نسب إلى السكاكي ، من أن اللفظ في جميع الموارد ، يستعمل في المعنى الموضوع له (١). غاية الأمر أن التطبيق ، قد يكون مبنياً على التنزيل والادعاء. يعنى أن المستعمل ، ينزل معنى من المعاني منزلة المعنى الحقيقي ،
__________________
(١) فالسكاكي على مبناه تصرف في مفهوم كلمة" أسد" ووسع دائرته ليشمل حقيقة الرجل الشجاع. وهذا التصرف كان محلاً للإشكالات ، إلا أن صاحب وقاية الأذهان بعد نقل قول السكاكي ومناقشاته اعتبر أن اللفظ المجازي باقي على ما هو عليه حقيقة ، وأن استعمال لفظ" الأسد" في الرجل الشجاع مثلاً استعمال حقيقي تصوري فقط دون التصديق والإرادة الجدية ، ولذا احتاج إلى القرينة لصرف المراد الجدّي عن المتصور إلى غيره ، فلو تلفظ بالمجاز دون نصب القرينة على خلاف الإرادة الجدّية كان كاذباً ، فالاستعمال الحقيقي والمجازي عنده واحد إلا أن الثاني يحتاج إلى قرينة لتعاند الإرادة الجدّية. راجع وقاية الأذهان ص ١٠٨ ـ ١٠٩. ثم أن نسبة ذلك للسكاكي قالها غير واحد منهم ، أوثق الوسائل ص ٥٣٣ / مقالات الأصول المقالة الرابعة عشر ص ٢٢٣ / وتعرض لكلامه في أجود التقريرات في المقدمة الخامسة ج ١ ص ٥٩ وابطله.