فلا مانع من إحاطتها بشيئين في آن واحد ، وان شئت قلت أن الذهن يكون كالخارج كما انه في الخارج يمكن أن يجتمع شيئان في الوجود كذلك في الذهن ، بل هو واقع كثيرا. ألا ترى انه كثيرا ما يصدر عن الإنسان فعلان اختياريان كأن يمشي ويتكلم ، مع أن كلاً منهما يتوقف تحققه على تصوره ولحاظه.
الوجه الثاني : ما في الكفاية وحاصله (١) : أن اجتماع اللحاظين في آن واحد وان كان لا محذور فيه إذا كان الملحوظ متعددا ، إلا انه ممتنع إذا كان الملحوظ واحدا ، وعليه فالاستعمال في أكثر من معنى وان كان لا محذور فيه من حيث لحاظ المعنيين في آن واحد ، إلا انه ممتنع من ناحية المستعمل ، إذ حقيقة الاستعمال جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى بل بوجه نفسه كأنه الملقى ، وعلى ذلك فاستعمال اللفظ في معنى يستلزم لحاظ اللفظ فانيا فيه أي لحاظه آلة للحاظه. ولا يعقل أن يكون في هذه الحالة ملحوظا بلحاظ آخر آليا أم استقلاليا ، فاستعماله في معنى آخر لا يجوز ، لاستلزامه اجتماع اللحاظين الآليين في شيء واحد.
وفيه : انه قد تقدم منافي الوضع ان الوضع عبارة عن التعهد والالتزام بالتلفظ بلفظ خاص عند إرادة تفهيم معنى مخصوص ، فحقيقة الاستعمال عبارة عن جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى ، وعليه فلا مانع من جعل اللفظ علامة لمعنيين لعدم استلزامه تعدد اللحاظين ، كما نشاهد ذلك بالوجدان في التعهدات الخارجية. وعلى ذلك ، فالاستعمال في معنيين كالاستعمال في معنى
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٦ (الثاني عشر)