لعبده كأساً من الخمر مع علمه بأنه يشربه وبعد ذلك خرج أمر الشرب عن اختياره بحيث لو شاء أن لا يقع في الخارج لما تمكن منه ، فالشرب إذا صدر منه باختياره لا يكون مستندا إلى المولى بوجه ، فانه حين صدوره عنه يكون أجنبيا عنه بالمرة.
وأكثر القائلين بالتفويض ـ وهم المعتزلة ـ قائلون بوجوب الفعل بعد إرادة العبد.
وبعضهم قال بعدم وجوب الفعل بل يصير أولى.
قال المحقق الطوسي : ذهب مشايخ المعتزلة وأبو الحسن البصري وإمام الحرمين من أهل السنة إلى أن العبد له قدرة قبل الفعل وإرادة بها تتم مؤثريته فيصدر منه الفعل ، فيكون العبد مختارا إذا كان فعله بقدرته الصالحة للفعل والترك تبعا لداعيه الذي هو إرادته. والفعل يكون بالقياس إلى القدرة وحدها ممكنا ، وبالقياس إليها مع الإرادة يصير واجبا.
وقال محمود الملاحمي وغيره من المعتزلة : ان الفعل عند وجود القدرة والارادة يصير أولى بالوجود ، حذرا من أن يلزمهم القول بالجبر لو قالوا بالوجوب ، انتهى (١).
ولا يخفى ان للتفويض معنيين آخرين :
أحدهما : رفع الحظر والمنع عن أفعال العباد وان جميع أفعالهم مباحة.
__________________
(١) لم أعثر عليها فيما حضرني من كتبه.