أحدها أن الاختيار بهذا المعنى حادث أم واجب ، فان كان واجبا لزم أن يصحبه من أول وجوده ، وان كان حادثا ولكل حادث محدث فوجود الاختيار يكون بايجاد الموجد.
والموجد اما أن يكون هو أو غيره؟
فان كان هو بنفسه فان كان باختيار آخر لزم التسلسل ، فلا بد وأن يكون وجود الاختيار بغير الاختيار ، فيكون مجبورا على الاختيار من غيره.
وبما أن الجبر على العلة جبر على المعلول فالفعل يصدر جبرا.
وبعبارة أخرى : الاختيار لا يكون واجبا بالبداهة بل هو ممكن ، وبما أن كل ممكن يحتاج في وجوده إلى العلة التامة فهو معلول لعلة وتلك العلة اختيارية أم غير اختيارية ، فان كانت اختيارية وصادرة عن اختيار آخر ينقل الكلام إلى ذلك الاختيار ، فلا بد وأن ينتهي إلى علة غير اختيارية وإلا لزم التسلسل.
فان انتهى إلى علة غير اختيارية أو من الأول التزمنا بذلك فيعود المحذور ويثبت الجبر ، إذ القصر على العلة قصر على المعلول.
وفيه : ان الجواب عن هذه الشبهة يتوقف على بيان مقدمتين :
الاولى : انه لا يعتبر في انصاف الفعل بكونه اختياريا سوى القدرة عليه واستناد الفعل إليها ، ولا يعتبر سبق الاختيار وان كان اختيارية الفعل الخارجي مساوقة لذلك. ولا يكفي مجرد القدرة ، فلو كان الشخص قادرا على الذهاب إلى محل خاص ولكن لم يعمل قدرته في ذلك بل أجبر عليه وكان بتحريك الغير ، لا يكون هذا الفعل اختياريا.