أما الآية الأولى وما بمضمونها ، فلان صدرها متضمن لبيان أن القرآن يكون هاديا وان الإنسان يكون متمكنا من الهداية إلى الحق بواسطته ، ولكن الضالين لا يشاءون هذه الهداية بسوء اختيارهم. فهي بقرينته تدل على أن الله تعالى لو شاء أن يجبرهم على أن يتخذوا إلى ربهم سبيلا كان له ذلك ، ولكنه لم يشأ لان دار الدنيا دار الاسباب والاختيار ، بل جعل ذلك تحت اختيارهم ومشيئتهم.
ويمكن أن يقال : ان المراد بها" ما تشاءون الاسلام الا أن يشاء الله أن يلطف لكم في الاستقامة" ، لما في الكلام من معنى النعمة.
وأما الآية الثانية وما بمضمونها نظير قوله تعالى : (وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)(١) ، وقوله سبحانه : (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء)(٢) ، وقوله : (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(٣) إلى غير ذلك من الآيات ، فهي تدل على أن الهداية الخاصة وكذا ما يقابلها مختصة بطائفة خاصة.
توضيحة : ان الهداية هي الارشاد والدلالة ، والهدى ضد الضلال ، الهداية من الله تعالى على قسمين عامة وخاصة.
والاولى : قد تكون تكوينية ، وقد تكون تشريعية.
__________________
(١) الآية ٢١٣ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٢٧٢ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٥٦ من سورة القصص.