فقال بعض الناظرين من هذا المشكاة للكاغذ (١) وقد رآه اسودَّ وجهه : لم تسوَّد وجهك وتشوَّش بياضك بهذا السواد؟
فقال بلسان الحال : سلوا هذا المداد الذي ورد عليّ وغير هيئتي وجبلّتي.
فقال للمداد : لم فعلت ذلك؟
فقال : كنت مستقرا في قعر الدواة لا صعود لى بنفسى عن ذلك القعر فوردت على قصبة تسمى القلم فرقاني من مقعري ، ولو لا نزوله ما كان لي صعود.
فقال للقلم : لم فعلت ذلك؟
فقال : كنت قصبا ثابتا في بعض البقاع لا حركة منى ولا سعى فورد على قهرمان سكين بيد قاطع فقطعني عن أصلي ومزق على ثيابي وشق رأسي ثم غمسني في سواد الحبر ومرارته.
فقال للسكين : لم فعلت؟
فأشارت إلى اليد ، فاعترض عليها فقالت : ما أنا الا لحم ودم وعظم
حركني فارس يقال له القدرة فاسألها. فلما سألها عن ظلمها وتعديها على اليد أشارت إلى الإرادة.
فقال لها : ما الذي قواك على هذه القدرة الساكنة المطمئنة؟
__________________
(١) الكاغذ من الالفاظ الفارسية ومعناها الورق.