فقالت : لا تعجل لعل لنا عذرا وأنت تلوم ، فانى ما انبعثت بنفسى ولكن بعثنى حكم حاكم وأمر جازم من حضرة القلب وهو رسول العلم على لسان العقل بالاشخاص للقدرة والالتزام لها في الفعل ، فانى مسكين مسخر تحت قهر العلم والعقل فلا أدرى بأى جرم سخرت لهما وألزمت لهما الطاعة ، ولكني أدرى أن تسخيري اياها بأمر هذا الحاكم العادل أو الظالم.
فأقبل على العلم والعقل والقلب طالبا ومعاتبا اياهم على سبب استنهاض الإرادة وانهاضها للقدرة.
فقال العقل : أما انا فسراج ما اشتعلت بنفسى ولكن اشعلت.
وقال القلب : اما أنا فلوح ما انسبطت ولكن بُسطت وما انتشرت ولكن نشرني من بيده نشر الصحائف.
واما العلم فقال : انما انا نقش في منقوش وصورة في بياض لوح القلب لما أشرق العقل ، وما انحططت بنفسى فكم كان هذا اللوح قبلى خاليا فاسأل القلم عنى واسأله عن هذا.
فرجع إلى القلم تارة أخرى بعد قطع هذه المنازل والبوادى وسير هذه المراحل والمقامات ، فوقع في الحيرة حيث لم يعلم قلما الا من القصب ولا لوحا الا من العظم والخشب ولا خطا الا بالحبر ولا سراجا الا من النار ، وكان يسمع في هذا المنزل هذه الاسامي ولا يشاهد شيئا من مسماها.
فقال له العلم : زادك قليل وبضاعتك مزجاة ومركبك ضعيف ، فالصواب لك أن تؤمن بهذه المسميات ايمانا بالغيب وتنصرف وتدع ما انت فيه.