إلى انكار الحسن والقبح العقليين ، وأنه مع قطع النظر عن كون الأفعال ملائمة للطبع أو منافرة له تكون الأفعال متساوية لا تفاوت بينها في الحسن والقبح ، سوى أن أفعال العباد قد تتصف بالحسن والقبح بعد تعلق الاحكام الشرعية بها باعتبار موافقتها للشرع ومخالفتها ، بخلاف أفعاله تعالى فانها لا تتصف بهما من هذه الجهة أيضا ، ولا مجال للعقل أن يحكم فيها بتحسين أو تقبيح.
وقد استندوا في ذلك إلى أمرين :
الأول : ان الفعل عرض والحسن والقبح العقليان من قسم العرض أيضا ، والعرض لا يعرض عليه عرض ولا يتصف به ، فالفعل لا يمكن اتصافه بالحسن والقبح العقليين.
وفيه : أولا النقض ، بأن الالوان كالبياض والحمرة والسواد أعراض ، والشدة ، والضعف ، والحسن ، والقبح أيضا من الاعراض ، وغير خفي أن الشدة والضعف والحسن والقبح تعرض على الالوان وتتصف الالوان بها ، هذا اللون شديد وذاك ضعيف ، هذا حسن وذلك قبيح ، فكيف جاز هنا اتصاف العرض بالعرض.
وثانيا بالحل ، وهو أنه فرق بين العرض الوجودى والعرض الانتزاعي ، والذي وقع محل الكلام في عروضه على العرض انما هو القسم الأول كالالوان ، وأما القسم الثاني كالحسن والقبح والشدة والضعف فليس لاحد دعوى عدم عروضها على الاعراض.
الثاني : وهو يختص بانكارهما بالاضافة إلى أفعاله تعالى ، وهو أنه لو سلم الحسن والقبح العقليان في أفعال العباد أنا لا نسلمهما في أفعاله تعالى.