(وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) أي : بعذاب من عنده ، ولكن أراد سبحانه اختبار المؤمنين ، وأن يبلو بعض الناس ببعض ، وقرأ الجمهور : قاتلوا وقرأ عاصم بخلاف عنه : قتلوا ـ بفتح القاف والتاء ـ ، وقرأ أبو عمرو وحفص : (قُتِلُوا) ـ بضم القاف وكسر التاء (١) ـ ، قال قتادة : نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم أحد من المؤمنين (٢).
وقوله سبحانه : (سَيَهْدِيهِمْ) أي : إلى طريق الجنّة.
* ت* : ذكر الشيخ أبو نعيم الحافظ أنّ ميسرة الخادم قال : غزونا في بعض الغزوات ، فإذا فتى إلى جانبي ، وإذا هو مقنّع بالحديد ، فحمل على / الميمنة ، فثناها ، ثمّ على الميسرة حتى ثناها ، وحمل على القلب حتى ثناه ، ثم أنشأ يقول : [الرجز]
أحسن بمولاك سعيد ظنّا |
|
هذا الّذي كنت له تمنّى |
تنحّ يا حور الجنان عنّا |
|
مالك قاتلنا ولا قتلنا |
لكن إلى سيّدكنّ اشتقنا |
|
قد علم السّرّ وما أعلنّا |
قال : فحمل ، فقاتل ، فقتل منهم عددا ، ثم رجع إلى مصافّه ، فتكالب عليه العدوّ ، فإذا هو ـ رضي الله تعالى عنه ـ قد حمل على الناس ، وأنشأ يقول : [الرجز]
قد كنت أرجو ورجائي لم يخب |
|
ألّا يضيع اليوم كدّي والطّلب |
يا من ملا تلك القصور باللّعب |
|
لولاك ما طابت ولا طاب الطّرب |
ثم حمل ـ رضي الله عنه ـ فقاتل ، فقتل منهم عددا ، ثم رجع إلى مصافّه ، فتكالب عليه العدوّ فحمل ـ رضي الله عنه ـ في المرة الثالثة ، وأنشأ يقول : [الرجز]
يا لعبة الخلد قفي ثمّ اسمعي |
|
مالك قاتلنا فكفّي وارجعي |
ثمّ ارجعي إلى الجنان وأسرعي |
|
لا تطمعي لا تطمعي لا تطمعي |
فقاتل ـ رضي الله عنه ـ حتّى قتل ، ، انتهى من ابن عبّاد شارح «الحكم».
__________________
(١) ينظر : «السبعة» (٦٠٠) ، و «الحجة» (٦ / ١٩٠) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٣٢٣) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٣٨٥) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٧) ، و «العنوان» (١٧٦) ، و «حجة القراءات» (٦٦٦) ، و «شرح شعلة» (٥٨٥) ، و «إتحاف» (٢ / ٤٧٥)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣٠٩) برقم : (٣١٣٥٨ ـ ٣١٣٥٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١١١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٣) ، وعزاه إلى عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم.