أيضا ابن المبارك في «رقائقه» عن كعب ، وفيه أيضا عن كعب أنّه قال : «إنّ للكلام الطيّب حول العرش دويّا كدويّ النحل يذكّرن بصاحبهنّ» انتهى ، وعن أبي هريرة «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم مرّ به وهو يغرس غرسا فقال : يا أبا هريرة ، ما الّذي تغرس؟ قلت : غراسا ، قال : ألا أدلّك على غراس خير من هذا؟ سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر ؛ يغرس لك بكلّ واحدة / شجرة في الجنّة» روى هذين الحديثين ابن ماجه واللفظ له ، والحاكم في «المستدرك» ، وقال في الأوّل : صحيح على شرط مسلم ، انتهى من «السلاح» ، وروى عقبة بن عامر قال : «لمّا نزلت : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : اجعلوها في ركوعكم ؛ فلمّا نزلت : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال : اجعلوها في سجودكم» (١) ، فيحتمل أن يكون المعنى : سبح الله بذكر أسمائه العلا ، والاسم هنا بمعنى : الجنس ، أي : بأسماء ربك ، والعظيم : صفة للرب سبحانه ، وقد يحتمل أن يكون الاسم هنا واحدا مقصودا ، ويكون «العظيم» صفة له ، فكأنّه أمره أن يسبّحه باسمه الأعظم ، وإن كان لم ينصّ عليه ، ويؤيّد هذا ويشير إليه اتصال سورة الحديد وأوّلها فيها التسبيح ، وجملة من أسماء الله تعالى ، وقد قال ابن عبّاس (٢) : اسم الله الأعظم موجود في ستّ آيات من أوّل سورة الحديد ، فتأمّل هذا ، فإنّه من دقيق النظر ، ولله تعالى في كتابه العزيز غوامض لا تكاد الأذهان تدركها.
__________________
(١) أخرجه أبو داود (١ / ٢٩٢) ، كتاب «الصلاة» باب : ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (٨٦٩) ، وابن ماجه (١ / ٢٨٧) ، كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها» باب : التسبيح في الركوع والسجود (٨٨٧) ، وأحمد (٤ / ١٥٥) ، والدارمي (١ / ٢٩٩) ، كتاب «الصلاة» باب : ما يقال في الركوع ، وابن خزيمة (١ / ٣٠٣) ، جماع أبواب الأذان والإقامة باب : الأمر بتعظيم الرب جلّ وعلا في الركوع (٦٠٠) ، والبيهقي (٢ / ٨٦) ، كتاب «الصلاة» باب : القول في الركوع ، والحاكم (١ / ٢٢٥) ، (٢ / ٤٧٧) ، وابن حبان (٥ / ٢٢٥) ، كتاب «الصلاة» باب : صفة الصلاة (١٨٩٩).
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ووافقه على ذلك الذهبي.
في «نصب الراية» (١ / ٣٧٦) قال الزيلعي : قال يعني الحاكم : وقد اتفقا على الاحتجاج بروايته غير إياس بن عامر ، وهو صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٥٥)