الجمل ؛ كقوله : [من الرجز]
علفتها تبنا وماء باردا |
|
............... |
انتهى ، وقيل غير هذا ، وأثنى الله تعالى في هذه الآية على الأنصار بأنّهم يحبون المهاجرين ، وبأنّهم يؤثرون على أنفسهم ، وبأنّهم قد وقوا شحّ أنفسهم.
* ت* : وروى الترمذيّ عن أنس قال : «لمّا قدم النبيّ صلىاللهعليهوسلم المدينة أتاه المهاجرون ، فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا قوما أبذل لكثير ولا أحسن مواساة في قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم ؛ لقد كفونا المئونة ، وأشركونا في المهنة ، حتّى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كلّه ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لا ، ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم» (١) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، انتهى ، والحاجة : الحسد في هذا الموضع ؛ قاله الحسن (٢) ، ثم يعمّ بعد وجوها ، وقال الثعلبيّ : (حاجَةً) أي : حزازة ، وقيل : حسدا (مِمَّا أُوتُوا) أي : مما أعطي المهاجرون من أموال بني النضير والقرى ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) : صفة للأنصار ، وجاء الحديث الصحيح من غير ما طريق ، أنّها نزلت / بسبب رجل من الأنصار وصنيعه مع ضيف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ إذ نوّم صبيانه ، وقدّم للضيف طعامه ، وأطفأت أهله السراج ، وأوهما الضيف أنّهما يأكلان معه ، وباتا طاويين ؛ فلمّا غدا الأنصاريّ على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «لقد عجب الله من فعلكما البارحة» (٣) ونزلت الآية في ذلك ، قال صاحب «سلاح المؤمن» : الرجل الأنصاريّ
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٧١) ، كتاب «الأدب» باب : في شكر المعروف (٤٨١٢) ، والترمذي (٤ / ٦٥٣) ، كتاب «صفة القيامة» باب : (٤٤) (٢٤٨٧) ، والحاكم في «المستدرك» (٢ / ٦٣) ، والبيهقي (٦ / ١٨٣) ، كتاب «الهبات» باب : شكر المعروف.
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١) ، برقم : (٣٣٨٧٥) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٨٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٣٣٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٨٨) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر.
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٥٠٠) ، كتاب «التفسير» باب : «والذين تبوؤوا الدار والإيمان» (٤٨٨٩) ، والحاكم (٤ / ١٣٠) ، والبيهقي (٤ / ١٨٥) ، كتاب «الزكاة» باب : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، وابن الشجري في «أماليه» (١ / ٢٨٣).
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي. قلت : وهو وهم من الحاكم فقد أخرجه البخاري كما بينا.