(إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(٢٦)
وقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) قال بعض المتأولين : الاستثناء متصل ، والمعنى : إلا من تولى فإنّك مصيطر عليه ، فالآية على هذا لا نسخ فيها ، وقال آخرون : الاستثناء منفصل ، والمعنى : لست عليهم بمصيطر لكنّ من تولّى وكفر فيعذبه الله ، وهي آية موادعة منسوخة بالسّيف وهذا هو القول الصحيح ؛ لأنّ السّورة مكّيّة والقتال إنّما نزل بالمدينة ـ ص ـ : وقرأ زيد بن أسلم : «ألا من تولّى» : حرف تنبيه واستفتاح ، انتهى ، وقال ابن العربي في «أحكامه» : روى الترمذيّ وغيره أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها ، عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله» (١) ، ثم قرأ : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) مفسّرا معنى الآية وكاشفا خفاء الخفاء عنها ، المعنى : إذا قال الناس : لا إله إلا الله فلست بمسلّط على سرائرهم وإنما عليك الظاهر ، وكلّ سرائرهم إلى الله تعالى ، وهذا الحديث صحيح المعنى ، والله أعلم ، انتهى ، ، و (إِيابَهُمْ) : مصدر من آب يؤوب : إذا رجع.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٥٨) ، (٣٧٠٥٧) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٨١) ، وابن عطية (٥ / ٤٧٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٧٨) ، وعزاه لابن جرير عن ابن عبّاس.