الأثقل ، وهذا هو الإستبرق ، ولو أراد أن يأتى بكلمة عربية واحدة فلن يستطيع ؛ لأنها لن تكون فى نفس درجة الفصاحة ، أو لا توجد ؛ لأن العرب عرفوا الحرير عن العجم والديباج الثقيل لا وضع لهم فيه ، فاكتفوا بتعريب (الإستبرق) ، ولو لم يستعمل (الإستبرق) لتكلم بكلمتين ، والكلمة الواحدة أوجز. ثم نقل عن أبى عبيد القاسم بن سلام حكايته القول بالوقوع عن الفقهاء ، ثم نقل جمعه بين القولين بأن جعل هذه الكلمات أصولها أعجمية ، وهذا به يصدق قول الفقهاء ، ولكن العرب عرّبوها فصارت عربية. وإلى هذا الجمع ذهب الجواليقى وابن الجزرى وآخرون أه. (٩)
قلت : ما ذكره السيوطى عن أبى عبيد عقّب عليه ابن فارس فأنكر على أبى عبيد أنه نسب القائلين بوقوع المعرب فى القرآن للجهل ، ولكنه وافقه فى الجمع فقال : «فالقول إذن ما قاله أبو عبيد ، وإن كان قوم من الأوائل قد ذهبوا إلى غيره». (١٠) والكلام فى هذه المسألة مبسوط فى كتب فقه اللغة وأصول الفقه وفيه مصنفات مفردة كالجواليقى وما ذكره السيوطى فى كتابه. وقد جمعنا لك خلاصته. ثم السيوطى جمع كل ما قيل فيه معرب ورتبها على حروف المعجم ، ونحن نكتفى بالمثال الذى أوردناه عن الخويّيّ فى (الإستبرق).
أ. د / إبراهيم عبد الرحمن خليفة
الهوامش :
__________________
(١) هو القاسم بن ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان العوفى السرقسطى الأندلسى أبو محمد ، عالم بالحديث واللغة والفقه ، توفى سنة ٣٢٠ ه. فهرست ابن خير ص ١٩١ ، بغية الوعاة ص ٣٧٤ ؛ نفح الطيب ١ / ٢٥٥. وكتابه الدلائل فى غريب الحديث ومعانيه.
(٢) البرهان فى علوم القرآن ، للزركشى ، ج ١ ، ص ٢١٩ فما بعدها.
(٣) البيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن عن طريق الإتقان ، للشيخ طاهر الجزائرى ، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ص ٨٤ وما بعدها.
(٤) سورة النحل آية (١٠٣).
(٥) سورة فصلت آية (٤٤).
(٦) الرسالة (ص ٤٠) ، تحقيق أ. أحمد محمد شاكر ، ط مصطفى الحلبى سنة ١٩٤٠ م.
(٧) البرهان فى علوم القرآن : (ج ١ ص ٢٨٧) وما بعدها.
(٨) الخويّيّ : بضم الخاء وفتح الواو وتشديد الباء وهو شمس الدين أحمد بن حنبل بن سعادة الخويّيّ الشافعى ، صاحب الإمام فخر الدين الرازى ، كان فقيها مناظرا وأستاذا فى الطب والحكمة. توفى سنة ٦٣٨ ه ونسبه إلى خوبى مدينة بآذربيجان (شذرات الذهب ٥ / ١٨٣).
(٩) الإتقان فى علوم القرآن : (ج ٢ ص ١٢٥ ـ ص ١٢٩).
(١٠) انظر : الصاحبى ، لابن فارس ، (ص ٢٩).