(ح) (كم) لعموم العدد استفهاما ، وفى الكثرة غير المحصورة خبرية ، فمن الأول قوله تعالى : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ) (٥٣) ، ومن الثانى قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها). (٥٤) والأمران محتملان فى نحو قوله سبحانه : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (٥٥).
(ط) (كأين) وهى ككم الخبرية فى نحو قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ). (٥٦)
ثم عقد السيوطى ـ رحمهالله ـ فصلا فى مخاطبات القرآن بالعام بين عام باق على عمومه ، وعام مراد به الخصوص ، وعام مخصوص ، فقال ـ رحمهالله : «العام على ثلاثة أقسام :
الأول : الباقى على عمومه : قال القاضى جلال البلقينى : ومثاله عزيز ، إذ ما من عام إلا ويدخل فيه التخصيص فقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) (٥٧) قد يخص منه غير المكلف ، و (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (٥٨) خص منها حالة الاضطرار ، وميتة السمك والجراد ، وحرم الربا خص منه العرايا. (٥٩) وذكر الزركشى فى «البرهان» أنه كثير فى القرآن ، وأورد منه : (وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، (٦٠) (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) ، (٦١) (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) ، (٦٢) (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) ، (٦٣) (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً). (٦٤) قلت : هذه الآيات كلها فى غير الأحكام الفرعية ، فالظاهر أن مراد البلقينى أنه عزيز فى الأحكام الفرعية ، وقد استخرجت من القرآن بعد الفكر آية فيها ، وهى قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) (٦٥) الآية ، فإنه لا خصوص فيها».
الثانى : العام المراد به الخصوص.
الثالث : العام المخصوص. وللناس بينهما فروق. أن الأول لم يرد شموله لجميع الأفراد ، لا من جهة تناول اللفظ ، ولا من جهة الحكم ، بل هو ذو أفراد استعمل فى فرد منها.
والثانى أريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها ، لا من جهة الحكم ، ومنها أن الأول مجاز قطعا لنقل اللفظ عن موضعه الأصلى بخلاف الثانى فإن فيه مذاهب أصحها : أنه حقيقة ، وعليه أكثر الشافعية وكثير من الحنفية وجميع الحنابلة ، ونقله إمام الحرمين عن جميع الفقهاء. وقال الشيخ أبو حامد : إنه مذهب الشافعى وأصحابه. وصححه السبكى ؛ لأن تناول