الأنثى؟ فالأصح نعم ، خلافا للحنفية ، لنا قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) (١١٠) فالتفسير بهما دال على تناول «من» لهما ، وقوله : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ) (١١١). واختلف فى جمع المذكر السالم هل يتناولهما؟ فالأصح لا ، وإنما يدخلن فيه بقرينة ، أمّا المكسّر فلا خلاف فى دخولهن فيه.
السادس : اختلف فى الخطاب ب «يا أهل الكتاب» هل يشمل المؤمنين؟ فالأصح لا ؛ لأن اللفظ قاصر على من ذكر. وقيل : إن شاركوهم فى المعنى شملهم وإلّا فلا.
واختلف فى الخطاب ب «يأيها الذين آمنوا» هل يشمل أهل الكتاب؟ فقيل : لا ، بناء على أنهم غير مخاطبين بالفروع ، وقيل : نعم ؛ واختاره ابن السمعانى قال : وقوله : «يا أيها الذين آمنوا» خطاب تشريف لا تخصيص (١١٢) أ. ه.
وقوله فى سادس هذه الفروع بما قال من اختيار ابن السمعانى فى نحو (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) قد فصل الزركشى ـ رحمهالله ـ القول فى هذه القضية وكشف فيه عن شبهة ابن السمعانى وأجاب عنها فقال فى كتابه البحر المحيط : (الخامسة : «يعنى من مسائل اشتمال العموم على بعض ما يشكل تناوله» :
الخطاب ب «يأيها المؤمنون» حكى ابن السمعانى فى «الاصطلام» عن بعض الحنفية أنه لا يشمل غيرهم من الكفار لأنه صريح ، ثم اختار التعميم لهم ولغيرهم لعموم التكليف بهذه الأمور ، وأن المؤمنين إنما خصوا بالذكر من باب خطاب التشريف لا خطاب التخصيص بدليل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) (١١٣) وقد ثبت تحريم الربا فى حق أهل الذمة.
قلت : وفيه نظر ؛ لأن الكلام فى التناول بالصيغة لا بأمر خارج. وقال بعضهم :
لا يتناولهم لفظا ، وإن قلنا : إنهم مخاطبون إلا بدليل منفصل أو من عدم الفرق بينهم وبين غيرهم وإلا كيف يقال بعموم الشريعة لهم ولغيرهم ، وأما حيث يظهر الفرق أو يمكن معنى غير شامل لهم ، فلا يقال بثبوت ذلك الحكم لهم ؛ لأنه يكون إثبات حكم بغير دليل ، والتعلق قدر زائد على الوجوب فلا يثبت فى حقهم بغير دليل ولا معنى (١١٤) أ. ه والله أعلم.
أ. د / إبراهيم عبد الرحمن خليفة