المستوى الرسمى بكتابة القرآن ، واتخذ كتابا للوحى ، وقد بوب البخارى بابا سماه (كاتب النبى صلىاللهعليهوسلم) لم يذكر فيه إلّا زيد بن ثابت ، وذكر الحافظ أربعة عشر. وما يدلّ على الكتابة الرسمية ما رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس عن عثمان بن عفان قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مما يأتى عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل يدعو بعض من يكتب عنده فيقول : ضعوا هذه فى السورة التى فيها كذا» (٥).
وما أخرجه الحاكم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : «كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم نؤلف القرآن من الرقاع» (٦) الحديث. قال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبى.
فهذان الحديثان فوق دلالتهما على الكتابة الرسمية يدلان على التوقيف فى ترتيب آيات السور.
وتأليف القرآن المقصود : جمعه وترتيبه كما صرح بذلك الحافظ فى «الفتح». (٧)
أما الكتابة على المستوى الشخصى ، فلا شك أن الصحابى الذى كان يعرف الكتابة كان يكتب لنفسه ، ويدلّ على وقوع تلك الكتابة حديث أبى سعيد عند مسلم فى (كتاب الزهد باب التثبت وحكم كتابة العلم) ، أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تكتبوا عنى ، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه». وسواء كان النهى لعدم اختلاف الكتاب بالسنة ، أم كان النهى بخصوص كتابة السنة مع القرآن ، أم لتوجيه الهمة للقرآن وحده سواء علينا أكان هذا أم ذاك ، فإن الحديث صريح فى كتابة القرآن ، بل فيه حض عليه. فالكتابة على المستويين تمت ووقعت فى عهده صلىاللهعليهوسلم.
والسؤال : على أى شىء كانوا يكتبون؟
يقول زيد بن ثابت فى حديثه فى جمع القرآن : «فتتبعت القرآن أجمعه من العسب ، واللخاف ، وصدور الرجال». وقد شرح الحافظ بعض هذه الألفاظ فذكر : أن العسب ـ بضمتين ثم موحدة ـ جمع عسيب ، وهو جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون فى الطرف العريض. وقيل : العسيب طرف الجريدة العريض الذى لم ينبت عليه الخوص ، والذى ينبت عليه الخوص هو السعف.
ووقع فى رواية ابن عيينة عن ابن شهاب :
«القصب ، والعسب ، والكرانيف ، وجرائد النخل». ووقع فى رواية شعيب «من الرقاع جمع رقعة ، وقد تكون من جلد أو ورق أو كاغد». وفى رواية عمار بن غزية : «وقطع الأديم» وفى رواية ابن أبى داود من طريق أبى داود الطيالسى عن إبراهيم بن سعد :
«والصحف».