حول معناها والمراد بها اختلافا يمكن إجماله فى قولين :
أحدهما : أن هذه الحروف سر من أسرار الله فى قرآنه ، لا سبيل إلى كشفه ، بل هو من المتشابه الذى استأثر الله بعلمه ، فلم يطلبوا لها معنى ، ولم يلتمسوا لها فى الإعراب وجها ، ونسب هذا القول إلى الخلفاء الأربعة وابن مسعود وغيرهم من الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ وتبعهم على هذا جماعة من الخلف.
ثم جاء من يقول أيضا : إنها سر ولكنه من قبيل الرمز الذى يمكن الوصول إليه بالتدبر ، فقال بعضهم : إنها حروف مقتضبة من أسماء الله وصفاته ، فقالوا فى (الم) : الألف إشارة إلى أحد ، واللام إشارة إلى لطيف ، والميم إشارة إلى ملك.
وقيل : إنها لأسماء الله ـ جل جلاله ـ والرسول صلىاللهعليهوسلم والملك عليهالسلام ، فالألف من الله ، واللام من جبريل ، والميم من محمد.
وقيل غير ذلك.
القول الآخر : قول جمهور العلماء ، وهو : أنه لا يليق بالقرآن العربى المبين أن يكون فيه شىء غير مفهوم ، وإنما جاء الأمر على هذا الوجه من الغموض طلبا للتدبر ، كما قال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) [محمد ٢٤].
ولما كان الأمر قائما على التدبر لا جرم تنوعت كلمات العلماء فى بيان ذلك ، ومنه :
قول البعض : إنها أسماء للسور التى افتتحت بها ، فهذه سورة (ن) ، (يس) وهكذا.
ولكن يرده أنه ليس أمرا مطردا فى جميع سور القرآن ، وأن التسمية التى يطلب بها التمييز لا يتحقق مطلوبها هنا ، فهناك عدة سور تسمى ـ على هذا ـ ب (الم) ، ومجموعة سور أيضا تسمى ب (حم) ، ومثلها تسمى ب (الر).
وقيل : إنها أسماء للقرآن ، بدعوى أنه يتبعها فى سورها تعظيم للقرآن مثل : (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [أول البقرة].
وإنما يبطل هذا القول أن هذا ليس مطردا فى كل المواضع مثل سورة العنكبوت :
(الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ).
وقيل : هى أقسام أقسم الله بها. ورده العلماء بحجة حذف حرف القسم ، وهو لا يحذف إلا مع اسم الجلالة عند البصريين ، وبأنه يلزم على هذا القول الجمع بين قسمين ،