٤ ـ «روح المعانى» للآلوسى ، وهو كسابقه أيضا ، غالب اهتمامه بغير التفسير الإشارى.
بالإضافة إلى التفسير المنسوب لابن عربى ، فكما اهتم فيه بالتفسير الصوفى النظرى اهتم فيه أيضا بالتفسير الإشارى.
موقفنا من التفسير الصوفى :
بالنسبة للتفسير الصوفى النظرى : فإنه بالتأمل فيه ، وبخاصة فيما ورد عن إمام هذا النوع فى التفسير المنسوب إليه ، وفى كتابيه «الفتوحات المكية» و «الفصوص» لا يمكننا أن نعتبر ذلك تفسيرا للقرآن ، وإنما هو فكر شاذ أريد به الذيوع ، عن طريق التستر بزى تفسير الكلام الإلهى ، وعباءة البيان القرآنى ، لأن هذا التفسير قائم على القول بوحدة الوجود ، ومعناه عندهم أنه ليس هناك إلا وجود واحد ، كل العالم مظاهر ومجال له ، فالله عندهم هو الموجود بحق ، وكل ما عداه أوهام وخيالات ، ووصفها بالوجود إنما هو على سبيل المجاز ، فإذا أضيف إلى ذلك بقية الأفكار الفلسفية التى تتعارض مع الإسلام ، والتى قام عليها هذا التفسير ، كان ذلك أدعى إلى نبذ هذا التفسير ، لأنه انحراف ظاهر ، وشذوذ واضح.
أما التفسير الإشارى : فرغم أنه لا ينفى الظاهر المراد ، فقد رأينا فيه أيضا العجب العجاب ، بحيث إنه لا يمكننا فى كثير منه ـ إن لم يكن فى أكثره ـ الجمع بين ما يقال إنه إشارات إلهية والظاهر المراد ، وأرى أن الأولى لنا ـ فيما لم يكن ظاهره البطلان والفساد ـ التوقف فى قبوله ، لأنه مبنى على الوجدان ، وهذا أمر لا نقطع بصحته لصاحبه ، إضافة إلى أنه يفتح المجال واسعا لادعاء الكاذبين فى التقول على الله ـ تعالى ـ بغير علم.
وإذا كان الآلوسي يقول فى مقدمة تفسيره : «فالإنصاف كل الإنصاف التسليم للسادة الصوفية ، الذين هم مركز للدائرة المحمدية ما هم عليه ، واتهام ذهنك السقيم فيما لم يصل لكثرة العوائق والعلائق إليه.
وإذا لم تر الهلال فسلم |
|
لأناس رأوه بالأبصار». (إ) ٨٤ |
فإن الدكتور / محمد الذهبى ـ رحمهالله ـ يعقب على قوله هذا وعلى قول مثله لابن عربى بقوله : «ومثل هذه الأقوال أشبه ما تكون بالإكراه لنا على قبول وجدانيات القوم وشطحاتهم مهما أوغلت فى البعد والغرابة ، وتوريط لنا بتسليم كل ما يقولون تحت تأثير ما لهم فى نفوسنا من المكانة العلمية والدينية». إلى أن يقول : «إن مثل هذه التفاسير الغريبة للقرآن مزلة قدم لمن لم يعرف مقاصد القوم ، وليتهم احتفظوا بها