والحنفية كراهية قراءة سورة قبل سورة تخالف ترتيب المصحف (١١).
وروى ابن أبى داود عن الحسن : أنه كان يكره أن يقرأ القرآن إلا على تأليفه فى المصحف. وروى أيضا عن إبراهيم النخعى ، والإمام مالك بن أنس أنهما كرها ذلك ، وأن مالكا كان يعيبه ، ويقول هذا عظيم (١٢).
وقد استدل هؤلاء العلماء وغيرهم على ما ذهبوا إليه بما رواه الإمام مسلم والترمذى وغيرهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنه «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ فى العيدين ويوم الجمعة ب «سبح اسم ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية» قال : وربما اجتمعا فى يوم واحد فقرأ بهما» (١٣).
وبما رواه مسلم وغيره عن أبى رافع قال :
استخلف مروان أبا هريرة على المدينة ، وخرج إلى مكة ، فصلى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ بعد سورة الجمعة فى الركعة الأخيرة «إذا جاءك المنافقون» قال : فأدركت أبا هريرة حين انصرف ، فقلت له : إنك قرأت بسورتين كان على بن أبى طالب يقرأهما بالكوفة. فقال أبو هريرة : إنى سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ بهما يوم الجمعة (١٤).
وبالنظر فى أقوال الفريقين وأدلتهم نرى أن الجميع قد اتفقوا على أن تنكيس القرآن خلاف الأصل الذى عليه المصحف وجاءت به السنة ، وأن قراءة السورة بعد السورة صواب عند الجميع ، وإن عكس فقد جانب الصواب وخالف الأولى عند البعض ، وارتكب المكروه عند البعض الآخر.
قال الإمام النووى : «قال بعض أصحابنا :
ويستحب إذا قرأ سورة أن يقرأ بعدها التى تليها ، ودليل هذا أن ترتيب المصحف إنما جعل هكذا لحكمة ، فينبغى أن يحافظ عليها ، إلا فيما ورد الشرع باستثنائه ، كصلاة الصبح يوم الجمعة ، يقرأ فى الأولى سورة «السجدة» وفى الثانية «هل أتى على الإنسان» ، وصلاة العيد فى الأولى «ق» وفى الثانية «اقتربت الساعة» ، وركعتى سنة الفجر فى الأولى «قل يا أيها الكافرون» وفى الثانية «قل هو الله أحد» ، وركعات الوتر فى الأولى «سبح اسم ربك الأعلى» وفى الثانية «قل يا أيها الكافرون» وفى الثالثة «قل هو الله أحد والمعوذتين» ، ولو خالف الموالاة فقرأ بسورة لا تلى الأولى ، أو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ سورة قبلها جاز ، فقد جاء بذلك آثار كثيرة ... وقد كره جماعة مخالفة ترتيب المصحف (١٥).
أ. د. السيد إسماعيل على سليمان