الفتاوى الخاطئة ، ويلبس على المؤمنين أمر دينهم ، ولهذا نبه العلماء على أهمية معرفة سبب النزول من هذه الحيثية.
فقد أشار الواحدى ـ رحمهالله تعالى ـ إلى امتناع معرفة تفسير الآية ، ومعرفة ما تعنيه ، دون الوقوف على قصتها والعلم بسبب النزول (٣٧).
وقال ابن دقيق العيد رحمهالله تعالى :
«بيان سبب النزول طريق قوى فى فهم معانى القرآن» (٣٨).
وقال ابن تيمية ـ رحمهالله تعالى ـ :
«معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية ، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب» (٣٩).
وهناك أمثلة كثيرة من أسباب النزول توضح كيفية إزالة الإشكال فى فهم كثير من آيات القرآن الكريم ، التى لم يكن يتأتى فهم معناها بدون معرفة هذه الأسباب.
ومن بين الآيات التى يتضح فيها ذلك ما يلي :
١ ـ قول الله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) البقرة / ١٥٨.
فإن ظاهر هذه الآية لم ينص على فرضية السعى بين الصفا والمروة ، مما يفهم منه أن السعى بينهما مباح ، من شاء فعله ، ومن شاء تركه ولا حرج عليه ، لأن رفع الجناح يفيد الإباحة لا الإلزام ، وهذا الفهم قد تبادر إلى عروة بن الزبير بن العوام (ت ٩٤ ه) رحمهالله تعالى ، وصرّح به لخالته أم المؤمنين الصديقة عائشة ـ رضى الله عنها ـ ، فلما سمعت منه ذلك بينت له ما تفيده الآية الكريمة على الوجه الصحيح ، وكان ذلك ببيان سبب نزولها. وقد أوردت الصحاح قصة طويلة فى بيان ذلك نوردها بتمامها لما فيها من الفائدة.
فعن ابن شهاب الزهرى رحمهالله تعالى :
قال عروة : «سألت عائشة رضى الله عنها ، فقلت لها : أرأيت قول الله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) فو الله ما على أحد جناح ألّا يطّوف بالصفا والمروة؟
قالت : بئس ما قلت يا ابن أختى ، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت : لا جناح عليه ألّا يتطوف بهما ، ولكنها أنزلت فى الأنصار ، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية ، التى كانوا يعبدونها عند المشلل ، فكان من أهلّ يتحرج أن يطّوف بالصفا والمروة ، فلما أسلموا سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، قالوا : يا رسول الله ، إنا كنا نتحرج أن نطّوف بين الصفا والمروة ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) الآية ، قالت عائشة رضى الله