عنها : وقد سن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما ، ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن ، فقال : إن هذا لعلم ما كنت سمعته ، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس ـ إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهلّ بمناة ـ كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة ، فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة فى القرآن قالوا : يا رسول الله ، كنّا نطوف بالصفا والمروة ، وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا ، فهل علينا من حرج أن نطّوف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله تعالى :
(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) الآية ، قال أبو بكر : فأسمع هذه الآية نزلت فى الفريقين كليهما : فى الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا فى الجاهلية بالصفا والمروة ، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما فى الإسلام ، من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ، ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت» (٤٠).
٢ ـ قول الله سبحانه : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ)
(الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) الآية ، الطلاق / ٤.
فقد أشكل معنى هذا الشرط (إن ارتبتم) على البعض ، حتى قال الظاهرية (٤١) بأن الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب (٤٢) وسبب ذلك أنهم فهموا أن الشرط مرتبط بالحيض ، فحسبوا أن المعنى : إن ارتبتم فى حيضهن.
ولكن ما ورد فى سبب نزول هذه الآية يزيل هذا الإشكال ، لأنه يجعل الارتياب فى حكم عدة الآيسة وليس فى حيضها.
فقد أخرج الحاكم (٤٣) وصححه عن أبىّ ابن كعب رضي الله عنه قال : «لما نزلت الآية التى فى سورة البقرة فى عدد من عدد النساء ، قالوا :
قد بقى من عدد النساء لم يذكرن ، الصغار والكبار ، ولا من انقطعت عنهن الحيض ، وذوات الأحمال ، فأنزل الله عزوجل :
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ)».
٣ ـ قول الله عزوجل : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) آل عمران / ١٨٨.
فقد أشكل أمر هذه الآية على مروان بن الحكم ، فأرسل إلى عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما ، فأجابه فيها ببيان سبب النزول ، الذى أزال الإشكال واللبس.