* فالمناسبة الأولى (خلو الذهن) قالوا إن الكلام المناسب لها أن يكون خاليا من أساليب التوكيد ، مثل :
إن ـ أن ـ القسم ـ التكرار ـ نونا التوكيد الخفيفة والثقيلة ـ لام التوكيد.
ومثال مطابقة الكلام لظاهر مقتضى الحال فى هذه الحالة من القرآن الكريم قوله تعالى :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢) لم يأت هذا الخبر دفعا لتردد فى استحقاق الله للحمد ، ولا لدفع إنكار من منكر. أما من غير القرآن فقد مثلوا لها بقولهم : «عبد الله قائم».
* أما المناسبة الثانية (التردد) فالكلام المناسب لها هو التوكيد بمؤكد واحد.
ومثاله من القرآن الكريم قوله تعالى.
(إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (٣).
حيث اشتمل الكلام على مؤكد واحد هو (إِنَ) أما من غير القرآن فقد مثلوا له بقولهم : «إن عبد الله قائم».
* أما المناسبة الثالثة (الإنكار) فالكلام المناسب لها أن يؤكد الخبر الدافع لهذا الإنكار بمؤكدين فأكثر ومثاله من القرآن الكريم قوله تعالى :
(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) (٤).
أكد الخبر هنا بثلاثة مؤكدات هى : أن ـ لام التوكيد ـ اسمية الجملة لأن المخاطب ؛ كافر. والكافر لا يؤمن بالآخرة. ومثاله من غير القرآن الكريم قولهم : «إن عبد الله لقائم ، وفيه ثلاثة ، مؤكدات ، مثل ما فى الآية ، وهى :
* إن.
* لام التوكيد
* اسمية الجملة.
وقال البلاغيون فى اختلاف نظم التراكيب الثلاثة ، مع أن المعنى ـ فى الظاهر ـ واحد :
إن التركيب الأول إخبار بقيام عبد الله.
والتركيب الثانى إزالة للتردد فى قيامه والثالث إزالة لإنكار منكر قيامه.
والكلام فى التركيب الأول سموه الخبر الابتدائى ، وفى التركيب الثانى سموه الخبر الطلبى ، وفى الثالث الخبر الإنكارى وسموها جميعا ـ أضرب الخبر (٥).
فإذا خرج المتكلم عن هذه الحدود المرسومة ، كأن يؤكد الخبر لخالى الذهن ، ويترك التوكيد مع المنكر ـ لا يسمى الكلام بليغا ، ولا المتكلم ؛ لأنه أخرج كلامه على خلاف ظاهر مقتضى الحال.
أما فى القرآن الكريم فنرى فى مواطن كثيرة إخراج الكلام على مقتضى الحال ، وفى مواطن أخرى يأتى الكلام مخرجا على خلاف