الحقائق كما فى «جسم أبيض» و «بياض صاف» دون معانى الأفعال والصفات المشتقة منها ـ أى من الأفعال ـ والحروف» (٣) ومن أمثلتها فى القرآن الكريم :
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (٤)
ففي قوله «أتى» استعارة تبعية فى زمن الفعل لها شبه الإتيان فى المستقبل «يأتى» بالإتيان فى الماضى «أتى» على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية ثم اشتق من «الإتيان» (أَتى) بمعنى يأتى ، والجامع بين الإتيان فى الماضى والإتيان فى المستقبل هو تحقق الوقوع فى كل منها.
فقد جرت الاستعارة أولا فى المصدر «الإتيان» ثم سرت إلى الفعل ، وهذا معنى «التبعية» فى هذه الاستعارة أما قرينة الاستعارة المانعة من المعنى الحقيقى ، وهو الإتيان فى الماضى فهى قوله تعالى : (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) لأن النهى عن الاستعجال يكون فى ما يأتى مستقبلا ، لا فى ما أتى ماضيا.
وقوله تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) (٥) فيه استعارتان تبعيتان :
الأولى فى زمن الفعل (تَرَكْنا) بمعنى :
نترك ، لأنه سيكون يوم القيامة.
وقد شبّه فيها الترك فى المستقبل بالترك فى الماضى ، والجامع بينهما تحقق الوقوع فى كل منهما ، والقرينة حالية تفهم من المقام.
والثانية فى معنى الفعل (يَمُوجُ) شبه الاضطراب الشديد فى حركة الناس يوم القيامة بالاضطراب الشديد فى حركة موج البحر ، وهما مصدران. ثم سرى التشبيه من المصدر الاضطراب الشديد إلى الفعل (يَمُوجُ) بمعنى يضطرب اضطرابا شديدا.
والقرينة حالية تفهم من المقام كذلك ، لأن التموج من خصائص الماء لا الناس.
أما الاستعارة التبعية فى الصفات المشتقة فمنها قوله تعالى :
(وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) (٦)
فى (مُبْصِرَةً) هنا استعارة جرت فى اسم الفاعل ، يعنى : مضيئة ، ومبصرة أبلغ من مضيئة ؛ لأنها أظهر فى مقام النعمة (٧).
شبهت الإضاءة بالإبصار ، وهما مصدران ، ثم سرى التشبيه من المصدر (الإبصار) إلى الصفة (مبصرة) على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية ، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقى للإبصار ، كون النهار زمنا لا يوصف بالإبصار ـ كما يوصف به الأحياء.
والاستعارة التبعية فى الحرف مثل قوله تعالى حكاية عن قول فرعون للسحرة :