عنها دون أن تتزوج بآخر ؛ وفاء لزوجها الأول ومبالغة فى تكريمه ، وعندئذ تكون أهلا لإكرام أهل زوجها لها ، واعتزازهم بوجودها بينهم.
وحيث أمكن الجمع فلما ذا نعدل عنه إلى القول الذى يرتضيه قوم وينكره آخرون.
السادسة : قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) البقرة :
٢٨٤.
قيل إنها منسوخة بقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) البقرة : ٢٨٦.
والأصح أنها ليست منسوخة ، فالآية الثانية بيان لها ؛ فقد وقع فى نفوس المؤمنين أنهم سيحاسبون على كل ما يخطر فى ضمائرهم من سوء ؛ كما يحاسبون على كل ما تبديه أنفسهم من شر وإن لم يمكنهم دفعه ؛ فبيّن الله ـ عزوجل ـ فى الآية الثانية أنه لا يحاسبهم إلا على ما يمكنهم دفعه من الخواطر ؛ إذ على المؤمن أن يدفع وساوس الشيطان أولا بأول ، ولا يسمح لها أن تتحول إلى إرادة ثم إلى عزم ثم إلى فعل ؛ عملا بقوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) الأعراف : ٢٠٠ / ٢٠١.
والدليل على ما ذكرناه من عدم النسخ ما رواه أحمد ، ومسلم ، والنسائى وغيرهم عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : لما نزلت هذه الآية : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) ـ دخل قلوبهم منها شىء ، فقال النبى صلىاللهعليهوسلم : «قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا» قال : فألقى الله الإيمان فى قلوبهم فأنزل : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) قال : قد فعلت (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) قال : قد فعلت. (وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) قال : قد فعلت.
واستدل القائلون بالنسخ بما رواه أحمد فى مسنده عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : «لما نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم جثوا على الركب ، وقالوا : يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا؟ بل قولوا :