اضطرابا عظيما وزلزلت زلزالا شديدا ، فكأن الجبال حافظة لما تحتها مانعة له من الاضطرابات والزلازل والثوران ، وفى هذا المعنى يقول الله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (٣٤).
ولقد فطن بعض العلماء المفسرين إلى الإيحاءات العلمية لكلمة «رواسى» التى أخبر بها القرآن الكريم فى مواضع كثيرة باعتبارها وصفا للجبال ، وعلاقتها باتزان الأرض أثناء حركتها. فالواقع العلمى يشهد بأن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس ، ومن المعروف أن أيّ جسم يدور فى حركة مغزلية حول محوره لا يميد ولا يضطرب إلا إذا كان هناك تماثل فى الكتلة حول محور الدوران ، وحيث أن الأرض لا تميد بنا أثناء دورانها ، بدليل عدم شعورنا بهذا الدوران ، فإنه لا بدّ أن تكون الجبال الرواسى من أهم عوامل اتزان الأرض وتماثل كتلتها على جانبى محور الدوران.
ولنتأمل كذلك ما تدل عليه كلمة «رواسى» من مقارنة تقتضى أن يكون جوف الأرض سائلا ، وأن تستقر الجبال عليه مثلما تستقر السفينة الراسية على ماء البحر. وسيولة جوف الأرض حقيقة علمية تظهر فى ما نشاهده فى بعض البراكين عند ثورانها من قذفها بالحمم والصخر المنصهر. كما أن هناك حقيقة علمية أخرى تقابل المعروف من أن متوسط كثافة السفينة (أى وزنها مقسوما على حجمها) هو أقل من كثافة ماء البحر أو النهر ، وإلا لما طفت عليه ولغرقت فيه. وأثبت علماء الجيولوجيا أن الجبال لها جذور منغمسة فى منصهر سائل مادته أكثف من مادتها ، فبطن الأرض السائل أكثف حتى من مادتها ، فبطن الأرض السائل أكثف حتى من جبالها ، حيث يبلغ متوسط كثافة مادة الجبال نحو ٦ ، ٢ جم / سم ٣ ، بينما يبلغ متوسط كثافة مادة الأرض نحو ٥ ، ٥ جم / سم ٣.
فما أعظم التوافق بين حقائق العلم والقرآن ، وما أروع أن نهتدى بهما معا لتعميق إيماننا بالله ـ سبحانه وتعالى ـ على هدى وبصيرة.
٤ ـ فى آيات البحار :
قال تعالى : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (٣٥).
يمدنا العلم الحديث ببعض الحقائق التى تلقى مزيدا من الضوء على معانى هذه الآية الكريمة من سورة النور ، فيخبرنا علماء