البحار بأن درجة الحرارة فى الأعماق التى تزيد على الألف متر تتراوح بين ١ ـ ٢ درجة مئوية ، أى أعلى بدرجة أو درجتين فقط من درجة الصفر المئوى التى يتجمد عندها الماء العذب. ويلاحظ أن ماء البحر ـ على خلاف الماء العذب ـ لا يتجمد عند درجة الصفر المئوى ، بل عند درجة أدنى بكثير من ذلك ، لأن الأملاح الذائبة فى الماء تزيد من كثافته وتمنعه من التجمد عند درجة الصفر. وتتميز البيئة البحرية على هذه الأعماق البعيدة بأنها لا تعرف تقلبات الفصول من صيف وخريف وشتاء وربيع ، مثلما هى لا تعرف ضوء النهار ولا تصلها أشعة الشمس ، فضلا عن أنها بيئة باردة فى برودة الثلج ، لا تتأثر بموقعها من خطوط العرض المختلفة بين القطبين وخط الاستواء ، ومن ثمّ فهى بيئة متجانسة الخصائص إلى حد كبير.
وفى أوائل القرن العشرين تمكن العلماء من اكتشاف نوع من الأمواج الداخلية العملاقة ، غير الأمواج السطحية التى نراها واضحة أمامنا على الشاطئ وتؤثر مباشرة على هدوء السطح أو اضطرابه. وقد دعمت أبحاث الأقمار الصناعية هذا الاكتشاف باستخدام تقنية «الاستشعار عن بعد» سنة ١٩٧٣ م. وأمكن بالفعل تصوير أمواج البحر الداخلية والتأكد من وجودها عمليا عند السطح البينى الذى يفصل بين الطبقة الكثيفة السفلى فى البحر والطبقة العليا الأقل كثافة ، ويعزى اختلاف كثافة كل من الطبقتين إلى اختلافهما فى درجة الحرارة ودرجة الملوحة.
وهناك عدة عوامل تسبب اندفاع الماء فى أمواج داخلية بالبحر أهمها :
تغير الضغط الجوى ، وحركة المد والجزر ، واختلاف شدة الرياح من مكان لآخر. ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الأمواج الداخلية يسود فى البحار والمحيطات العميقة ، مثل المحيط الهادى الذى يعتبر أكثر محيطات العالم عمقا ، وفيه أخدود «المارياناز» الذى يبلغ عمقه نحو أحد عشر كيلومترا. وهنا نتأمل دقة التعبير القرآنى الذى تحدث عن وجود هذه الظاهرة فى «بحر لجى» أى عميق كثير الماء كالمحيط الهادى وليس أى بحر.
من ناحية أخرى ، نعرف أن مناطق البحار والمحيطات العميقة يخيم عليها دائما سحب كثيفة معتمة بسبب عمليات التبخير المستمر ، ومن يتتبع مسار الأشعة الضوئية القادمة من الشمس فى هذه المناطق يجد أن جزءا كبيرا منها يتم انعكاسه أو امتصاصه بواسطة السحاب ، ثم ينعكس جزء آخر بواسطة