فمتى استعاذ الإنسان بالله من الشيطان ونزغته ، قويت بالله إرادته ، وخنس الشيطان وخاب وخسئ ، وحينما يقع الإنسان فى الخطيئة ثم يستغفر الله فيغفر له ، فإن الشيطان يصاب بالخزى والخيبة ، وضياع الجهد فى الإغواء (٢٠).
نهاية الإنسان
* تمهيد :
نهاية الإنسان فى الدنيا : هى الموت.
والموت : موضوع كريه ، مزعج ، لا يشجع على التفكير ، أو الحديث فيه.
وقد وصف القرآن حدوثه «بالمصيبة» ، فى قوله تعالى : (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) (المائدة : ١٠٦).
وهو كريه مزعج ، لأن الإنسان بطبيعته يخشى الموت ، ويحب الحياة.
وفى الحديث الشريف : «قلب الشيخ شاب على حب اثنتين : طول الحياة ، وحب المال» (٢١).
وفى أحاديث الفتن : «.. ينزع الله المهابة من قلوب عدوكم ، ويجعل فى قلوبكم الوهن ، قالوا : وما الوهن يا رسول الله؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت» (٢٢).
ولذلك ينفر الإنسان من سماع هذا الاسم ، وينفر كذلك من دراسة هذا الموضوع.
ودليل بسيط على ذلك : أنك تجد من الناس من يشكو مرّ الشكوى مما فى هذه الحياة الدنيا من : ألم ، ومعاناة ، وبؤس ، وشقاء .. إلخ ، لكنه رغم ذلك كله يتشبث بها بقوة ، حتى إنه يستعيذ بالله إذا طرقت أذنه كلمة الموت ، بل إن المحتضر نفسه وهو على فراش الموت يكره أن يسمع كلمة الموت.
وهذا الكلام لا يصدق على الإنسان العادى فحسب ، بل إنه يصدق ـ كذلك ـ على المفكرين والفلاسفة (٢٣).
* مواقف الناس من هذه النهاية :
اعلم أن المنهمك فى الدنيا المكب على غرورها المحب لشهواتها يغفل قلبه ـ لا محالة ـ عن ذكر الموت فلا يذكره. وإذ ذكّر به كرهه ونفر منه ، أولئك هم الذين قال الله فيهم : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجمعة : ٨).
ثم الناس : إما منهمك ، وإما تائب مبتدئ ، أو عارف منته.
أما المنهمك : فلا يذكر الموت ، وإن ذكره فيذكره للتأسف على دنياه ويشتغل بمذمته ، وهذا يزيده ذكر الموت من الله بعدا.
وأما التائب : فإنه يكثر من ذكر الموت لينبعث به من قلبه الخوف والخشية فيفى