فى مثل قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) أو (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ).
أو : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) الحج : ٥.
أو غيرها من الحقائق الإيمانية أو الكونية حيث لا تشتمل على تكليف ولا تهيئ الإنسان لذلك التكليف مباشرة كما سنرى فى ضرب أمثلة المبادئ.
والمبدأ يختلف أيضا عن الحكم الشرعى الذى يشتمل مباشرة على التكليف مثل قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) الإسراء : ٧٨.
فأقم الصلاة تكليف ، وجملة (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) حقيقة إيمانية.
والمبدأ يختلف أيضا عن القاعدة الفقهية أو الأصولية من حيث المنشأ ، فالقاعدة الفقهية نشأت بعد تفريع الفروع فى الفقه الإسلامى وكأنها قد جردت فروعا كثيرة وأخذت المشترك بينها وصاغته فى صورة قاعدة مثل (لا ضرر ولا ضرار) ، (الأمور بمقاصدها) ، (الشك لا يرفع اليقين) ، (العادة محكمة) ... إلى آخر ما اهتمت به كتب القواعد الفقهية والأشباه والنظائر.
وكذلك القواعد الأصولية التى نشأت من تتبع اللغة العربية أو المصادر الشرعية مثل (الاستثناء معيار العموم) أو (الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة تدل على غير ذلك) أو (النهى يقتضى الفساد) أو (المشترك لا يعم) ..
إلخ مما نراه يرد فى علم أصول الفقه.
خصائص المبدأ :
المبدأ يشتمل على حقيقة ، وعلى تكليف مباشر ، ولا معنى لوجوده من غير وجود الإنسان ، فالإنسان هو موضوعه.
المبادئ القرآنية التى نوردها إنما هى على سبيل المثال تنبيها لهذا الجانب العظيم من القرآن الكريم ، وهى تحتاج إلى تتبع واستقصاء مستقل ، وبحث خاص يقوم بعد استقرائها بإيراد كلام أهل التفسير عنها ، ثم يبين عناصر كل مبدأ وما يلزمه من مقدمات وما يترتب عليه من نتائج ثم يقوم ببيان العلاقة البينية بين كل هذه المبادئ لبناء النموذج المعرفى ثم بيان كيفية تشغيلها فى المجالات المختلفة : السياسة ، والقانون ، والاجتماع البشرى ، والتربية ، والفكر ، والعبادة ، والعقيدة ، والدعوة ... الخ.