القول للسهو ، وهو ما أشار إليه الفارسى فى الحلبيات. (١٤)
ومما يجب الالتفات إليه أن أصحاب الأقوال السابقة جميعها لا ينكرون مجىء لفظة (قرآن) مصدرا فى اللغة ، ولكنهم عند ما يختلفون يتكلمون عن كلمة أخرى ؛ لأنهم صرحوا بنسبة (القرآن) للاستعمال فى المصدرية ، صرح بذلك الفراء والقرطبى ، ويصعب أن يغيب مثل هذا الثابت فى اللغة عن أمثال الشافعى والفراء.
وأما ثانى أسمائه : فهو : «الفرقان» وقد سماه الله به فى قوله تعالى من سورة آل عمران : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) (١٥) وقوله جل قائلا : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) (١٦). وفى تفسير هذا الاسم يقول الزركشى فى البرهان : «وأما تسميته «فرقانا» ؛ فلأنه فرق بين الحق والباطل ، والمسلم والكافر ، والمؤمن والمنافق ، وبه سمى عمر بن الخطاب الفاروق». (١٧)
وذهب لمثل هذا المعنى الآلوسي وإن زاد أنه قد يكون سمّى بذلك لفصل بعضه عن بعضه الآخر ، أو لكونه نزل مفصلا وليس دفعة واحدة كغيره من الكتب ، وزاد أيضا أنه مصدر بمعنى الفاعل أو المفعول. (١٨)
ومما سبق نقله تكون كلمة (الفرقان) تطلق ويراد منها الفاعل أى الفارق ؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل ، وتطلق ويراد منها المفعول أى المفروق بين سوره أو بين نجومه فى نزوله ، أو المفروق فيه بين الحق والباطل.
وقد رد العلامة الآلوسي جميع أسماء القرآن وأوصافه لهذين الاسمين (القرآن والفرقان) ؛ ولذا اقتصر عليهما. (١٩)
وأما ثالث هذه الأسماء الخمسة : فهو «الكتاب». قال الآلوسي رحمهالله فى تفسيره من قوله تعالى سورة البقرة : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) (والكتاب كالكتب مصدر كتب ويطلق على المكتوب كاللباس بمعنى الملبوس (١٩) ، والكتب كما قال الراغب : ضم أديم إلى أديم بالخياطة. وفى المتعارف : ضم الحروف بعضها إلى بعض. والأصل فى الكتابة النظم بالخط ، وقد يقال ذلك للمضموم بعضه إلى بعض باللفظ ، ولذا يستعار كل واحد للآخر ، ولذا سمّى (كتاب الله) وإن لم يكن كتابا ، والكتاب هنا إما باق على المصدرية وسمى به المفعول للمبالغة أو هو بمعنى المفعول ، وإطلاقه على المنظوم عبارة قبل أن تنتظم حروفه التى يتألف منها