أما المؤمنون الصالحون فلا يشعرون بطول ذلك اليوم ، ولا يخافون كغيرهم من الناس. بل تنزل عليهم الملائكة تبشرهم ، وتبعد عنهم الهم والحزن :
(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). (٢٨٦)
ويتمنى الإنسان في ذلك اليوم أن ينجو بنفسه ، ولا يهتم بمصير أقرب الناس إليه
(فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ. يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ). (٢٨٧)
ويومئذ تنقطع الصلات بين الناس إلا ما كان منها لله تعالى ، فالأصدقاء يصبحون أعداء ، ما لم يكن حب الله هو سبب صداقتهم :
(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ). (٢٨٨)
بل يتمنى المذنب أن يفتدي نفسه من العذاب بأعز الناس عليه :
(وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً. يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ. وَفَصِيلَتِهِ (٢٨٩) الَّتِي تُؤْوِيهِ. وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ). (٢٩٠)
ولو حاول المسيء أن يدفع عن نفسه العذاب بالتماس الشفاعة من غيره أو بدفع الفدية ، فلا يقبل منه :
(وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ). (٢٩١)
ولو بذل الكافر كل ما في الأرض لما نجا من العذاب
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ). (٢٩٢)
ولا ينفع الإنسان في ذلك اليوم إلا إيمانه وعمله :
(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى. وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى). (٢٩٣)
وبعد الحشر هناك الحساب على كل صغيرة وكبيرة.
(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً (٢٩٤). وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ (٢٩٥) مِنْهُمْ أَحَداً. وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما