والإنسان الذي يوقن بأن عين الله لا تغفل عنه هو صالح في السر والعلانية ، يقوم بكل ما أمر به ، ويترك ما نهي عنه. هذا هو الأساس في تقدم الأمم ورقي الشعوب.
كما إن العبادات تنشئ الإنسان المعتدل المتوازن في تصوره وسلوكه الذي يعطي كل جانب من جسمه وعقله وروحه حقه ، ويعمل لدنياه وآخرته ، وبذلك تنسجم العلاقة بينه وبين نفسه ، وبينه وبين الناس الآخرين ، كما يحصل الانسجام بينه وبين هذا الكون الذي يعيش فيه ، والذي لا يخرج على النواميس التي وضعها الله له ، فهو مطيع عابد لله :
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٣٥٦)
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٣٥٧)
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ). (٣٥٨)
وتسبيح الكائنات وسجودها لله إما أن يكون بكيفية مناسبة لها ، يعلمها الخالق سبحانه وإن خفيت علينا ، أو يحمل على خضوعها له ، وعدم امتناعها عن القيام بما خلقت لأجله.
وبذلك يكون الإنسان العاصي لله المستنكف عن عبادته شاذا في هذا الوجود. وهذا ما يجعله على شقاق مع نفسه التي بين جنبيه وعلى شقاق مع الناس والأشياء كلها. وأنى يجد السعادة من كانت هذه حاله!
أما المؤمن المطيع لله فهو الذي يفوز برضاه ، ويسعد بجواره ، ويتلاءم مع مخلوقاته ، لأنه يحقق الغاية التي خلق من أجلها ، ويحسن الاستفادة من الأشياء التي سخرت له.
ولكل من العبادت المفروضة آثار تربوية خاصة بها ، نجملها فيما يلي :