ويؤدي الصوم إلى قوة الإرادة ، فالذي يقاوم دوافعه الفطرية إلى الطعام والشراب والملذات ، يصبح قوي الإرادة ، يملك نفسه ، ويسيرها على طريق الشرع. وكذلك يغير الصوم من عادات الإنسان في طعامه وشرابه ؛ وكثير من الناس يصبحون أسرى لعاداتهم في كثير من الأشياء ، بدون أن تكون هذه العادات ضرورية لحياتهم أما الصائم فيضطر إلى تغيير عاداته في مواعيد تناول طعامه وشرابه ، وبذلك يعيش حرا طليقا. وقد نهى الرسول صلىاللهعليهوسلم عن صوم الدهر حتى لا يصبح الصوم عادة ، وليبقى عبادة لها وقتها وأحكامها التي تجعل الإنسان يختلف في صومه عن إفطاره.
عن أبي قتادة أن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال : «لا صام ولا أفطر ، أو لم يصم ولم يفطر». (رواه أبو داود)
وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا صام من صام الأبد»
وعن عبد الله بن الشخير قال : «قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من صام الأبد فلا صام ولا أفطر». (رواهما ابن ماجه)
ج ـ الآثار الإجتماعية :
يجعل الصوم المسلمين كأسرة واحدة ، يجلسون إلى الطعام في وقت واحد ، ويستوي غنيهم وفقيرهم في الامتناع عن المفطرات طيلة النهار. كما يدفع الصوم إلى الاحسان ؛ لأن الإنسان حين يكون شبعانا لا يحس بجوع أحد ، أما حين يشعر بالجوع فإنه يتذكر الذين لا يجدون قوت يومهم ، ويندفع إلى قضاء حاجاتهم والاحسان إليهم. وهكذا يسهم الصوم في تحقيق التكافل الاجتماعي.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم» (٤٠١).
ولهذا كان الرسول صلىاللهعليهوسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل ـ عليهالسلام ـ يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ ، يعرض عليه النبي صلىاللهعليهوسلم القرآن. فإذا لقيه جبريل ـ عليهالسلام ـ كان أجود بالخير من الريح المرسلة» (٤٠٢).