(فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ (٦٢) فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ (٦٣) إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ. قالُوا : وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ. قالُوا : نَفْقِدُ صُواعَ (٦٣) الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٦٤). قالُوا : تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ. قالُوا : فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ. قالُوا : جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ. فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا (٦٥) لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ). (٦٦)
فقد جعل المكيال في رحل أخيه دون أن يشعروا به ، ووجه إليهم تهمة السرقة ، وأعلن عن جائزة حمولة ناقة لمن جاء به. وقابلوا التهمة بإنكار البريء ، وأعلنوا عن استعدادهم لتسليم السارق ، وجعله عبدا لصاحب الشيء المسروق كما تقضي شريعتهم ولم يكن هذا الحكم في شريعة الملك. فأمر بتفتيش متاعهم وتم العثور على المكيال ، وانطلت عليهم الحيلة.
ولم يستطيعوا أن يخفوا استياءهم منه ومن أخيه من قبل حين وجهوا إليه التهمة. وحاولوا دون جدوى أن يبدلوه بواحد منهم. وأصر كبيرهم على البقاء حيث أخوه ، وأمرهم بالرجوع إلى أبيهم ليخبروه :
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ. فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ. قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ. قالَ : مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ. فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ